الحياء. وقالت عائشة : «نعم النساء نساء الأنصار لم يمنعهن الحياء أن يتفقهن في الدين» وقال مجاهد بن جبير التابعي : لا يتعلم العلم مستحيي ولا مستكبر .. المستكبر : هو المتعالي الكبير الذي يتعاظم ويستنكف أن يتعلم العلم ويستكثر منه وهو أعظم آفات العلم. فالحياء هنا مذموم لكونه سببا لترك أمر شرعي. وبهذا المعنى قال عمر بن الخطاب : «تفقهوا قبل أن تسودوا» أي قبل أن تصيروا سادة فتمنعكم الأنفة عن الأخذ عمن هو دونكم فتبقوا جهالا.
** (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) : هذا القول الكريم هو آخر الآية الكريمة الحادية والعشرين : أي أن في ذلك المذكور فحذفت الصفة المشار إليها «المذكور» اختصارا لأنها مفهومة من السياق.
** (وَمِنْ آياتِهِ مَنامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ) : هذا القول الكريم هو بداية الآية الكريمة الثالثة والعشرين .. بمعنى نومكم ليلا للراحة وطلبكم الرزق نهارا لتعتاشوا .. يقال : نام ـ ينام ـ نوما ومناما .. من باب «تعب» فهو نائم ـ اسم فاعل ـ وجمعه : نوم على الأصل ـ بضم النون وتشديد الواو ونيم على لفظ المفرد ونيام أيضا. قال الفيومي : النوم : غشية ثقيلة تهجم على القلب فتقطعه عن المعرفة بالأشياء ولهذا قيل : هو آفة لأن النوم أخو الموت. وقيل : النوم مزيل للقوة والعقل وأما السنة ففي الرأس والنعاس في العين. وقيل : السنة : هي النعاس. وقيل : السنة : ريح النوم تبدو في الوجه ثم تنبعث إلى القلب فينعس الانسان فينام. و«السنة» فاؤها محذوفة وأصلها : مصدر ومعناها : الوسن .. من «وسن الرجل ـ يوسن ـ وسنا» وسنة من باب «تعب» أي اشتد نعاسه وأخذه ثقل النوم. و«الوسن» : هو فتور يتقدم النوم. ومن حديث موسى ـ عليهالسلام ـ أنه سأل الملائكة وكان ذلك من قومه لطلب الرؤية : أينام ربنا؟ فأوحى الله إليهم أن يوقظوه ثلاثا ولا يتركوه ينام ثم قال ؛ خذ بيدك قارورتين مملوءتين فأخذهما وألقى الله عليه النعاس فضرب إحداهما على الأخرى فانكسرتا ثم أوحى إليه : قل لهؤلاء : إني أمسك السموات والأرض بقدرتي فلو أخذني نوم أو نعاس لزالتا. وهذا القول الكريم أشارت إليه آية «الكرسي» الكريمة.
** (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ) : وفيه حذف مفعول «يسمعون» اختصارا أي يسمعون المواعظ.
** (وَهُوَ الَّذِي يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ) : ورد هذا القول الكريم في بداية الآية الكريمة السابعة والعشرين أي ويعيد الخلق بعد الممات.
** سبب نزول الآية : قال عكرمة : تعجب الكفار من إحياء الله الموتى .. فنزلت هذه الآية الكريمة.
(وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ إِذا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ) (٢٠)
(وَمِنْ آياتِهِ) : الواو استئنافية. من آياته : جار ومجرور في محل رفع متعلق بخبر مقدم والهاء ضمير متصل في محل جر بالإضافة.
(أَنْ خَلَقَكُمْ) : حرف مصدري. خلقكم : الجملة الفعلية صلة حرف مصدري لا محل لها وهي فعل ماض مبني على الفتح والكاف ضمير