رفع متعلق بخبر مقدم لمبتدإ محذوف. التقدير : فهم يمهدون لأنفسهم و«هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل جر بالإضافة يعود على «من» أي على معناها وأفرد الفعل «عمل» على لفظ «من» لأن «من» مفردة اللفظ مجموعة المعنى. يمهدون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. والجملة الفعلية «يمهدون» في محل رفع خبر المبتدأ «هم» المحذوف بمعنى : يسوون لأنفسهم منزلة عند الله سبحانه.
** (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ الْقَيِّمِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللهِ يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثالثة والأربعين بمعنى : فقوم وجهك للدين القويم من قبل مجيء يوم لا مرد أي لا رد له من أمر الله فحذف المضاف «أمر» ويصدعون مأخوذ من التصديع وهو التشقيق بمعنى كل منهم مشغول بنفسه والشيء إذا تشقق تفرق فهم متفرقون.
** (مَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَمَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِأَنْفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الرابعة والأربعين .. ويمهدون : بمعنى يسوون لأنفسهم منازل أو منزلة عند الله ومنازل في الجنة .. يقال : مهد الأرض ـ يمهدها ـ مهدا .. من باب «قطع» بمعنى سواها ومنه تمهيد الأمور : أي تسويتها.
** (وَمِنْ آياتِهِ أَنْ يُرْسِلَ الرِّياحَ مُبَشِّراتٍ وَلِيُذِيقَكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة السادسة والأربعين. والفعل «يذيق» يتعدى إلى مفعولين وحذف مفعوله الثاني لأن «من» التبعيضية في «من رحمته» يدل عليه أو يكون المفعول الثاني صريحا حذف اختصارا المعنى ليذيقكم من رحمته الغيث ـ أي المطر والخصب والخيرات. لأن ما قبله «يرسل الرياح مبشرات» يدل عليه أي مبشرات بنزول المطر. و«الرياح» في الآية الكريمة المراد بها : رياح الجنوب والشمال والصبا هي رياح الرحمة ومنه قوله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : «اللهم اجعلها رياحا ولا تجعلها ريحا» ويقال : عصفت الريح تعصف ـ عصفا : أي اشتد هبوبها. والفعل «عصف» من بابي «ضرب» و«جلس» فهي ريح عاصف وهذا يوم عاصف أي تعصف فيه الريح وهو فاعل بمعنى مفعول مثل ليل نائم. ومن أسماء الريح : الخزرج .. وبها سمي الرجل. و«الخزرج» هي ريح الجنوب ومن أسمائها : المرسلات وهي الملائكة أيضا. ويقال هذه رياح دروج : أي سريعة المرور. ومن أقوالهم : هذا رجل يهب مع كل ريح .. يقصدون به : الإمعة. وهو الذي يقول لكل واحد : أنا معك. ويقال : عجت الرياح أو الريح تعج عجا وعجيجا : بمعنى : اشتدت فأثارت الغبار. والعجاج : جمع «عجاجة» وهو الغبار أو الدخان. وسمي هبوب الريح : نعرة النجم ـ بفتح النون «نعرة» وجمعها : نعرات أما «النعرة» بضم النون وفتح العين وجمعها : نعرات .. فهي ما يقصد بها : التعصب الطائفي ومن معانيها أيضا : الخيلاء والكبر .. وقد استعيرت للتعصب واستعملت مجازا للأنفة والخيلاء ويقال : زجرت الريح السحاب : أي أثارته وتسمى الريح الحارة : حرورا. والريح الباردة حرجفا أما «النسيم» من الريح فهو ما يستلذ من هبوبها وهو تنفس سهل.