ربكم في الشفاعة قالوا قال الحق أي القول الحق وهو الإذن بالشفاعة لمن ارتضى. فحذف المنصوب الموصول «القول» وأقيمت صفته «الحق» مقامه. وجملة «قالوا الحق» استئنافية لا محل لها. وجملة «قال الحق» في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ بقالوا.
(وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ) : الواو استئنافية. هو : ضمير منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. العلي الكبير : خبرا المبتدأ خبر بعد خبر أي خبران متتابعان للمبتدإ «هو» مرفوعان وعلامة رفعهما الضمة ويجوز أن يكون «الكبير» صفة ـ نعتا ـ للعلي.
** (حَتَّى إِذا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قالُوا ما ذا قالَ رَبُّكُمْ قالُوا الْحَقَ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة الثالثة والعشرين .. المعنى : حتى إذا كشف الله الفزع أي الخوف عن قلوبهم أي قلوب الشافعين ـ اسم فاعلين ـ والمشفوع لهم ـ اسم مفعولين ـ تساءلوا فيما بينهم ما ذا قال ربكم قالوا قال القول الحق وهو الإذن بالشفاعة لمن ارتضى من المؤمنين فحذف المفعول المنصوب الموصوف «القول» وأقيمت صفته «الحق» مقامه. يقال : شفع ـ يشفع شفعا .. من باب «نفع» أو قطع بمعنى : سعى له وشفع له أو فيه إلى فلان شفاعة : طلب منه أن يعاونه.
** (وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثامنة والعشرين .. وكلمتا «بشيرا ونذيرا» من صيغ المبالغة «فعيل بمعنى فاعل» بمعنى : مبشرا للمؤمنين ومنذرا للكافرين أي مبشرا يا محمد من أطاعك بالفردوس ومخوفا من عصاك بالنار فحذف مفعولا اسمي الفاعلين «بشيرا ونذيرا» وهما «من أطاعك .. ومن عصاك ..» كما حذف مفعول «يعلمون» أي لا يعملون ذلك أي ما عند الله من النفع لهم وقوله «كافة للناس» معناه : جامعا للناس أي إلا إرسالة عامة لهم محيطة بهم بمعنى : إذا عمتهم فقد كفتهم أن يخرج أحد منهم والتاء على هذا هي للمبالغة كتاء «الراوية» والعلامة والنابغة. ولفظة «كافة» قدمت لفظا وأخرت معنى أو تكون «كافة» حالا من «الناس» قدمت عليها .. يقال : كفه عن الأمر أو الشيء يكفه ـ كفا .. من باب «رد» : أي صرفه ومنعه .. وكف عنه : أي انصرف وامتنع وكف ماء وجهه بمعنى : صانه ومنعه عن بذل السؤال فالفعل لازم ومتعد ويقال : تكفف الناس : بمعنى : مد كفه إليهم يستعطي .. وتكفف الرجل : أي أخذ الشيء بكفه .. وسميت «الكف» بهذا الاسم لأنها تكف الأذى عن صاحبها. والكاف ـ اسم فاعل ـ هو من كف نفسه عن الشيء .. أما «الكافة» فهي مؤنث «الكاف» وبمعنى الجماعة كما في الآية الكريمة المذكورة بمعنى للناس جميعا. وقال الفراء في «معاني القرآن» : نصبت لأنها بمعنى المصدر ولذلك لم تدخل العرب فيها الألف واللام لأنها آخر الكلام مع معنى المصدر وهي مثل قولك : قاموا معا وقاموا جميعا فلا يدخلون الألف واللام على «معا» و «جميعا» إذا كانت بمعناها أيضا. وقال الأزهري أيضا : كافة : منصوبة على الحال وهي مصدر على «فاعلة» كالعافية والعاقبة ولا يثنى ولا يجمع كما لو قلت : قاتلوا المشركين عامة أو خاصة لا يثنى ذلك ولا يجمع