أجل أنه لا يقع إلا على مذكر وفيه الهاء فجمعوه على إسقاط الهاء كظريف وظرفاء لأنه فعيلة لا يجمع على فعلاء. وأنشد الفراء :
أبوك خليفة ولدته أخرى |
|
وأنت خليفة ذاك الكمال |
«والخليفي» بكسر الخاء واللام وتشديد اللام : الخلافة. وقال عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ : «لو أطيق الأذان مع الخليفي لأذنت».
** (إِنَّهُ كانَ حَلِيماً غَفُوراً) : هذا القول الكريم هو نهاية الآية الكريمة الحادية والأربعين و «حليم» من صيغ المبالغة ـ فعيل بمعنى فاعل ـ يقال : حلم ـ بضم اللام حلما ـ بكسر الحاء : بمعنى : صفح وستر فهو حليم وحلمته .. ـ بتشديد اللام ـ أي نسبته إلى الحلم وباسم الفاعل سمي الرجل ومنه محلم بن جثامة وهو الذي قتل رجلا بذحل الجاهلية ـ أي بثأرها وحقدها ـ بعد ما قال لا إله إلا الله فقال عليهالسلام : اللهم لا ترحم محلما فلما مات ودفن لفظته الأرض ثلاث مرات. يحكى أن المهلب بن أبي صفرة تعرض لشتم أحدهم فسكت عنه. فقيل له : حلمت عنه؟ قال : لم أعرف مساوئه وكرهت أن أبهته ـ أي افتري عليه ـ بما ليس فيه. وفي إحدى خطب الإمام علي ـ رضي الله عنه ـ وصف حال قوم وقال : إنهم لا تلتقي الشفتان بذمهم استصغارا لشأنهم. ويروى أن أحد سفهاء قريش تهدد يوما أبا بكر الصديق ـ رضي الله عنه ـ وقال له : لأسبنك سبا يدخل معك قبرك! فرد عليه الخليفة : معك والله يدخل لا معي.
** (فَلَمَّا جاءَهُمْ نَذِيرٌ ما زادَهُمْ إِلَّا نُفُوراً) : ورد في الآية الثانية والأربعين. و «النذير» أي المنذر والمراد به الرسول الكريم محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ والجملة إسناد مجازي لأنه هو السبب في أن زادوا أنفسهم نفورا عن الحق وابتعادا عنه يقال : نفر ـ ينفر ـ نفورا .. من باب «قعد» لغة وقرئ بمصدرها في قوله تعالى في الآية الكريمة المذكورة آنفا .. ونفر ـ ينفر ـ نفرا .. من باب «ضرب» في اللغة العالية وبها قرأ السبعة أي أعرضوا وصدوا و «النفير» مثل «النفور» والاسم : النفر ـ بفتح النون والفاء ـ وهو من الثلاثة إلى التسعة. وقيل : النفر : جماعة الرجال من ثلاثة إلى عشرة وقيل : إلى سبعة. ولا يقال : نفر .. فيما زاد على العشرة .. وكذا «النفير» والنفير : تطلق على القوم المسرعين إلى الحرب أو غيرها وقد سموا بالمصدر.
** سبب نزول الآية : نزلت بعد أن كانت قريش تقول : لو أن الله بعث نبيا منا ما كانت أمة من الأمم أطمع لخالقها ولا أسمع لنبيها ولا أشد تمسكا بكتابها منا. فأنزل الله تعالى هذه الآية الكريمة.
(وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيها رَبَّنا أَخْرِجْنا نَعْمَلْ صالِحاً غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ ما يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَما لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ) (٣٧)
(وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيها) : الواو حالية والجملة الاسمية بعدها في محل نصب حال من ضمير الغائبين «هم» في قوله «لهم نار جهنم» في الآية الكريمة السابقة. هم : ضمير منفصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في