شيء فدمعت فهي مطروفة ـ اسم مفعول ـ أي أصيب طرفها بشيء .. أما الطارف ـ اسم الفاعل ـ نحو : طرف الرجل عينه ـ طرفا ـ فمعناه : أصابها بشيء فدمعت .. ومن معاني «الطارف» : المال الحديث الكثير .. ومنه المثل العربي : جاء بطارفة عين : أي جاء بشيء تتحير له العين من كثرته. و «الطارفة» مؤنث «الطارف» أو بمعنى : جاء بمال كثير يبهر عين من نظر إليه. ويقال : طرف بصره ـ يطرفه ـ طرفا ـ من باب «ضرب» بمعنى : أطبق أحد جفنيه على الآخر واسم المرة منه هو «طرفة» ومنه القول : هذا الشيء أسرع من طرفة عين والمصدر واسم المرة «طرفة» بتسكين الراء .. أما بفتحها «طرفة» فهي مفرد شجر الطرفاء وبه سمي طرفة بن العبد.
** (هذا فَوْجٌ مُقْتَحِمٌ مَعَكُمْ لا مَرْحَباً بِهِمْ إِنَّهُمْ صالُوا النَّارِ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة التاسعة والخمسين .. و «صالو» أصلها : صالون : أي داخلون فحذفت النون للإضافة ولو كانت النون مثبتة لانتصب ما بعدها وهو النار على المفعولية أي مفعولا به لاسم الفاعلين «صالون» وجاءت صفة «فوج» وهي «مقتحم» مفردة على لفظ «فوج» وكذلك اسم الإشارة .. وجيء بضمير الغائبين «هم» في «إنهم» و «صالو النار» بصيغة الجمع على معنى «فوج» وهو الجماعة أو الجمع المسرعون و «مرحبا» لفظة ترحيب ومثلها لفظة «مرحى» فلفظة «مرحى» تقال للرامي الذي يصيب هدفه تعجبا وافتخارا وزهوا نحو : مرح الرجل ـ يمرح ـ مرحا .. من باب «طرب» أي اشتد فرحه ونشاطه وتبختر فهو مرح ـ فعل بمعنى فاعل ـ وهم مرحى. وقيل الفعل «مرح» مثل «فرح» وزنا ومعنى .. وقيل : هو أشد من الفرح .. أما لفظة «مرحبا» فهي لفظة ترحيب .. نحو : مرحبا بك : أي لاقيت سعة ـ بفتح السين وكسرها ـ ورحبا و «الرحب» بضم الراء : هو السعة ومنه فلان رحب الصدر .. وقولهم : مرحبا وأهلا معناه أتيت سعة وأتيت أهلا فاستأنس ولا تستوحش ومثله أهلا بك وعلى الرحب والسعة وهو مثل الفعل «رحب» نحو : رحب به ـ يرحب ـ ترحيبا : أي قال له : مرحبا. أما لفظة «مرحبا» في الآية الكريمة فقد جاءت مسبوقة بنفي وهو «لا» الحرف الدال على الدعاء .. وهنا يدل على دعاء السوء منهم على أتباعهم فأصبح المعنى : لا أصابوا رحبا و «مرحبا» اسم منصوب على المصدر ـ المفعول المطلق ـ بمعنى : أتيت سعة والأصل : نزلت مكانا واسعا وفي الآية المعنى : لا أصابوا رحبا : أي سعة و «مرحبا» بيان للمدعو عليهم : أي لا نرحب بهم. حكى الزبير بن بكار أنه عامل الفضل بن عباس بن عتبة بن أبي لهب وكان الفضل أشد الناس اقتضاء وذكر أنه لزم بيت عقرب زمانا فلم يعطه شيئا فقال فيه هذه الأبيات :
قد تجرت في سوقنا عقرب |
|
لا مرحبا بالعقرب التاجره |
كل عدو يتقى مقبلا |
|
وعقرب يخشى من الدابرة |
إن عادت العقرب عدنا لها |
|
وكانت النعل لها حاضره |
يقال إن أول من قال «مرحبا» هو سيف بن ذي يزن .. قال ذلك لعبد المطلب جد النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ حين وفد عليه ليهنئه برجوع الملك إليه فقال : مرحبا وأهلا وناقة ورحلا ومناخا وسهلا ومليكا رجلا يعطي عطاء جزلا. يقال على غرار : «مرحبا» أهلا وسهلا .. وهاتان اللفظتان منصوبتان أيضا على المصدر وهما كلمتا ترحيب .. على تقدير : حللت أهلا ونزلت سهلا .. أي لاقيت أو صادفت أهلا لا غرباء .. ونزلت أو وطئت سهلا لا وعرا أي لا مكانا صلبا .. ومنه القول : مرحبك الله ومسهلك : أي أنزلك في رحب وسهل .. ويقال : لقي الرجل ترحابا ـ بفتح التاء أي دعي إلى الرحب ومثله : رحب به : أي أحسن وفده ودعاه إلى الرحب وقال له : مرحبا ومثله : مرحبه.