وخلصته : أي ميزته من غيره .. واسم المفعول من الفعل الرباعي هو «مخلص» بفتح اللام .. وقد ورد في القرآن الكريم مرة واحدة في سورة «مريم» : (إِنَّهُ كانَ مُخْلَصاً وَكانَ رَسُولاً نَبِيًّا) بمعنى : أخلصه الله لنفسه أي لطاعته وجمعه : مخلصون .. وقد وردت هذه اللفظة ثماني مرات في التنزيل الحكيم .. أما اسم الفاعل «مخلص» فقد جاء ذكره في القرآن الكريم ثلاث مرات ذكرت في سورة «الزمر» وإن إخلاص العبادة لله شرط في النجاة لأنه لا إله غيره ولا شريك له سبحانه.
** (أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللهِ زُلْفى) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة الثالثة .. و «أولياء» أي أنصارا ومعبودات من الأصنام المعبودة وكل طاغوت معبود من غير الله .. يقولون إننا ما نعبد هؤلاء إلا ليقربونا إلى الله قربة من طريق التوسل إليه. يقال : زلف ـ يزلف ـ زلفا : أي تقدم وتقرب. و «الزلفة ـ بضم الزاي» و «الزلفى : أي القربة .. ومنه : أزلفه بمعنى قربه فازدلف. وأصله : ازتلف فأبدل من التاء دالا ومنه «مزدلفة» لاقترابها إلى عرفات .. وقال الفيومي : وأزلفت الشيء : بمعنى : جمعته .. وقيل سميت «مزدلفة» من هذا لاجتماع الناس بها وهي اسم علم على البقعة لا يدخلها ألف ولام إلا لمحا للصفة في الأصل كدخولها في «الحسن» و «العباس» ويقال : ازدلف السهم إلى كذا : أي اقترب.
** (لَوْ أَرادَ اللهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً لَاصْطَفى مِمَّا يَخْلُقُ ما يَشاءُ سُبْحانَهُ هُوَ اللهُ الْواحِدُ الْقَهَّارُ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الرابعة. ولاصطفى : أي لاختار ما يشاء من خلقه وهم ملائكته ولكن ذلك لم يصح لكونه محالا .. سبحانه : أي نزه ذاته ـ جلت قدرته ـ عن أن يكون له أحد من الأولاد والأولياء .. و «اصطفى» مشتق من الصفوة ـ صفوة الشيء ـ أي خلاصته. و «الواحد» أي المتصف بالوحدانية لا شريك له ومثله «الأحد» كما في سورة «الإخلاص» : (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) هنا بدل من لفظ الجلالة وإن كانت اللفظة غير معرفة لأن النكرة قد تبدل من المعرفة .. والأصل في «أحد» : وحد : أي واحد .. فقلبت الواو ألفا. وعن ابن عباس : قالت قريش : يا محمد صف لنا ربك الذي تدعونا إليه. فنزلت هذه الآية الكريمة .. يعني أن الذي سألتموني وصفه هو الله وروي أن عبد الله وأبي قرءا «هو الله أحد» بغير «قل».
** (يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهارِ وَيُكَوِّرُ النَّهارَ عَلَى اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة الخامسة. المعنى : يلف الليل على النهار حتى يذهب ضوؤه كما يقال : يكور العمامة أي يلفها .. المعنى يلف الليل على النهار لف اللابس من قبل اللباس أي لف اللباس للابس أو يغيبه كما يغيب الملفوف باللفافة ويلف النهار على الليل حتى تزول ظلمته .. والقول الكريم كناية عن طول أحدهما وقصر الآخر .. و «كل» نون آخرها لانقطاعها عن الإضافة لأن المعنى : كل واحد منهما لأن الاسم «كل» لا يستعمل إلا مضافا لفظا أو تقديرا. قال الأخفش معنى الآية الكريمة : كله يجري كما تقول كل منطلق : أي كلهم منطلق وعلى هذا فهو في تقدير المعرفة وقالت العرب : مررت بكل قائما نصب على الحال والتقدير : بكل أحد ولهذا لا يدخلها الألف واللام عند الأصمعي ومثله كلمة «بعض» ولفظه واحد ومعناه جمع فيجوز أن يعود الضمير على اللفظ تارة وعلى المعنى أخرى فيقال : كل القوم حضر وحضروا.