** (اللهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنامِها) : هذا القول الكريم هو مستهل الآية الكريمة الثانية والأربعين .. المعنى : الله يقبض الأرواح حين موت أجسادها ويقبض الأرواح التي لم تمت في نومها بمعنى يتوفاها حين تنام أي حين نومها تشبيها للنائمين بالموتى حيث لا يميزون ولا يتصرفون كما أن الموتى كذلك .. وبعد حذف المضاف إليه الثاني «أجساد» أوصل المضاف إليه الأول «موت» إلى المضاف إليه الثالث الضمير «ها» فصار : موتها كما حذف الموصوف «الأنفس» مفعول «يتوفى» وحل محله الاسم الموصول «التي» الصفة وحذف الموصوف «الأنفس» اختصارا لأن ما قبله دال عليه وكرر هذا الحذف أيضا في قوله «فيمسك التي» أي فيمسك الأنفس التي «قضى عليها بالموت ..» أي الموت الحقيق فلا يردها في وقتها حية أي فيمسكها عنده سبحانه ولا يردها لجسدها حية كما حذف الموصوف «الأنفس» وأقيمت الصفة «الأخرى» مقامه في قوله : ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى .. أي إلى وقت ضربه لموتها وقيل : المعنى : فيمسك الروح التي قضى على صاحبها الموت ويرسل روح النفس الأخرى وهي النائمة إلى بدن صاحبها. و «النفس» و «الروح» شيء واحد في رأي جماعة .. وهما شيئان مختلفان في رأي آخرين.
** (وَإِذا ذُكِرَ اللهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَإِذا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الخامسة والأربعين .. المعنى : انقبضت صدور الكافرين ونفرت قلوبهم .. وأصل الاشمئزاز : أن يمتلئ الإنسان غما حتى ينقبض وإذا ذكر الأوثان والأصنام امتلأت قلوبهم سرورا حتى تنبسط له بشرة وجوههم. وأين هؤلاء الكفار من نبي الله إبراهيم ـ عليهالسلام ـ حين نزل عليه ملك بصورة رجل وقد كان إبراهيم يرعى الغنم فسمع صوت الملاك يقول : الله. فانتشى إبراهيم لسماعه هذه اللفظة العذبة فأحب أن يسمعها منه ثانية فقال له : ما ذا تعطيني؟ فقال : أعطيك نصف غنمي ففعل وطلب إبراهيم من الملك أن يقولها مرة أخرى ففعل وأعطاه النصف الآخر وعند ما طلب أن يسمع هذه اللفظة الجليلة «الله» قال له الملاك : ما ذا تعطيني ولم يبق معك غنم؟ فقال له : أرعى غنمك!.
(أَلَيْسَ اللهُ بِكافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ) (٣٦)
(أَلَيْسَ اللهُ) : الهمزة همزة إنكار بلفظ استفهام مبالغة في الإثبات أي أدخلت. على نفي فأفيد معنى إثبات الكفاية وتقريرها. ليس : فعل ماض ناقص من أخوات «كان» مبني على الفتح. الله لفظ الجلالة : اسم «ليس» مرفوع بالضمة.
(بِكافٍ عَبْدَهُ) : الباء حرف جر زائد لتأكيد معنى إثبات الكفاية. كاف : اسم مجرور لفظا منصوب محلا لأنه خبر ليس وهو اسم فاعل. عبده : مفعول به منصوب باسم الفاعل «كاف» بتأويل فعله والهاء ضمير متصل في