صاحبه ولا إثم عليه) ، وقال الزجّاج : (هو دفع الإنسان الشّيء ليعوّض ما هو أكبر منه ، وذلك ليس بحرام ولكنّه لا ثواب فيه ؛ لأنّ الّذي يهديه يستدعي ما هو أكثر منه ، وإنّما يربو عند الله هو العطيّة الّتي لا يطلب بها المكافأة ، ولا يراد بها إلّا رضا وجه الله).
قوله تعالى : (اللهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ؛) أي خلقكم في بطون أمّهاتكم ثم أخرجكم ، (ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ؛) بعد انقضاء آجالكم ، (ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ؛) بعد الموت ، (هَلْ مِنْ شُرَكائِكُمْ مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذلِكُمْ مِنْ شَيْءٍ سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ) (٤٠).
قوله تعالى : (ظَهَرَ الْفَسادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ ؛) أي قحط المطر ونقصت الغلّات وذهبت البركة في البرّ والبحر ؛ أي أجدب البرّ وانقطعت مادّة البحر ، (بِما كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ ؛) أي بشؤم ذنوبهم ومعاصيهم ، الناس كفّار مكّة ، (لِيُذِيقَهُمْ ؛) الله بالجوع في السّنين السبع ، يعني (بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا ؛) أي جزاؤه ليكون عقوبة معجّلة ، (لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) (٤١) ؛ من الكفر إلى الإيمان ، ومن المعصية إلى الطاعة ، فيكشف الله عنهم الشدّة. وفي هذا تنبيه على أنّ الله تعالى إنّما يقضي بالجدوبة ونقص الثّمرات والنبات لطفا منه في رجوع الخلق عن المعصية.
قوله تعالى : (قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ ؛) أي قل لأهل مكّة سافروا في الأرض ، (فَانْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ) ، أي كيف صار إجرام ، (الَّذِينَ مِنْ قَبْلُ كانَ أَكْثَرُهُمْ مُشْرِكِينَ) (٤٢) ؛ أي انظروا إلى ديار عاد وثمود وقوم لوط ليدلّكم ذلك على أنه لا ينبغي لأحد أن يكفر بالله تعالى.
قوله تعالى : (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ الْقَيِّمِ ؛) أي أقم قصدك وعملك ، واجعل جهتك اتّباع الدّين القيّم وهو الإسلام المستقيم الذي لا عوج فيه ، واعمل به أنت ومن تبعك ، (مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللهِ ؛) يعني يوم القيامة ، (يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ) (٤٣) ؛ أي يوم القيامة يتفرّقون بعد الحساب إلى الجنّة والنار.
قوله تعالى : (مَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ ؛) أي ضرر كفره ، (وَمَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِأَنْفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ) (٤٤) ؛ أي يطأون لأنفسهم منازلهم في الجنة ، (لِيَجْزِيَ الَّذِينَ