يَدَيْ عَذابٍ شَدِيدٍ) (٤٦) ؛ أي بين يدي القيامة لكي تخلّصوا أنفسكم من عذاب الله بالتّلافي والتّوبة.
قوله تعالى : (قُلْ ما سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ ؛) معناه : قل لهم يا محمّد : ما سألتكم على تبليغ الرّسالة أجرا فتتّهموني ، وقوله تعالى (فَهُوَ لَكُمْ) هذا الرجل يقول لغيره : ما أعطيتني فخذه ، يريد بذلك لم يعطه شيئا ، وقوله تعالى : (إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللهِ ؛) أي ما ثوابي إلّا على الله ، (وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ ؛) من أعمال العباد (شَهِيدٌ) (٤٧).
قوله تعالى : (قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَّامُ الْغُيُوبِ) (٤٨) ؛ القذف : هو الرّمي بألسنتهم والحصى والكلام ، قال الكلبيّ : (فمعنى الآية : قل إنّه يأتي بالحقّ ؛ أي يتكلّم بالوحي وهو القرآن يلقيه إلى نبيّه عليهالسلام). والمعنى : قل إنّ ربي ينزل الوحي من السّماء فيقذفه ويلقيه إلى الأنبياء عليهمالسلام ، وقوله تعالى (عَلَّامُ الْغُيُوبِ) ظاهر المعنى.
قوله تعالى : (قُلْ جاءَ الْحَقُّ ؛) يعني الإيمان والقرآن ؛ أي ظهر الإسلام والقرآن ، (وَما يُبْدِئُ الْباطِلُ وَما يُعِيدُ) (٤٩) ؛ معناه : ذهب الباطل وزهق ، فلم يبق له بقيّة يبدئ بها ولا يعيد. قال الحسن : ((الْباطِلُ) : كلّ معبود سوى الله ، فإنّ كلّ معبود سوى الله لا يبدئ لأهله خيرا في الدّنيا ، ولا يعيد بخيره في الآخرة). فقال قتادة : (الباطل إبليس ؛ أي ما يخلق إبليس أحدا ولا يبعثه) (١).
ويجوز أن يكون هذا استفهاما ، كأنّه قال : وأيّ شيء يبدئ الباطل؟ وأيّ شيء يعيده؟ وعن ابن مسعود قال : دخل رسول الله صلىاللهعليهوسلم مكّة وحول الكعبة ثلاثمائة وستّون صنما ، فجعل يطعنها بعود معه ويقول : [جاء الحقّ وزهق الباطل إنّ الباطل كان زهوقا ، جاء الحقّ وما يبدئ الباطل وما يعيد](٢) أي ذهب الباطل بحيث لا يبقى
__________________
(١) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (٢٢٠٧٦).
(٢) أخرجه الطبراني في المعجم الكبير : ج ١٠ ص ١٩١ : الحديث (١٠٤٢٧) ، وص ٢٠٠ : الحديث (١٠٥٣٥) من طريق أخرى. والإمام أحمد في المسند : ج ١ ص ٣٧٧. والبخاري في الصحيح :