مقطوعة على حالها مثل أستكبرت وأستغفرت (١) ، وأذهبتم ونحوها. وقرأ نافع برواية ورش (أَصْطَفَى) موصولة على الخبر والحكاية عن قول المشركين ، تقديره : ليقولون ولد الله ويقولون اصطفى البنات (٢).
وقوله تعالى : (ما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ) (١٥٤) ؛ هذا توبيخ لهم ؛ أي كيف ترضون لله ما لا ترضون لأنفسكم ،(أَفَلا تَذَكَّرُونَ) (١٥٥) ، أفلا تتّعظون فتمتنعون عن مقالتكم ،(أَمْ لَكُمْ سُلْطانٌ مُبِينٌ) (١٥٦) ؛ أم لكم حجّة بيّنة على صحّة دعواكم هذه ، (فَأْتُوا بِكِتابِكُمْ ؛) وحجّتكم ، (إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) (١٥٧) فيما تدّعون.
قوله تعالى : (وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَباً ؛) أي جعل هؤلاء بين الله وبين الملائكة الذين يشاهدونهم نسبا ، وسميت الملائكة جنّة في هذا لاستتارهم عن أعين الناس كاستتار الجنّ ، وقوله تعالى : (وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ) (١٥٨) ؛ أي علمت الملائكة أنّ الكفار الذين عبدوهم لمحضرون في العذاب لدعائهم إلى هذا القول.
ثم نزّه الله تعالى نفسه فقال : (سُبْحانَ اللهِ عَمَّا يَصِفُونَ) (١٥٩) ؛ أي عمّا يصفونه ويضيفونه إليه ، (إِلَّا عِبادَ اللهِ الْمُخْلَصِينَ) (١٦٠) ؛ لكنّ عباد الله المخلصين من الجنّ والإنس لا يحضرون هذا العذاب.
قوله تعالى : (فَإِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ) (١٦١) ؛ هذا خطاب لأهل مكّة ، معناه : فإنّكم أيّها المشركون وما تعبدونه من دون الله الأصنام ، (ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفاتِنِينَ) (١٦٢) ؛ أي ما أنتم على ذلك بمضلّين أحدا ، (إِلَّا مَنْ هُوَ صالِ الْجَحِيمِ) (١٦٣) ، إلّا من كان في علم الله أنه يصلى الجحيم ، وفي هذا بيان على أنّهم لا يفسدون أحدا إلّا من كان في معلوم الله أنه سيكفر ، يعني أن قضاء الله سبق في قوم بالشّقاوة ، فإنّهم يصلون النار ، فهم الذين يضلّون في الدّين ويعبدون الأصنام.
__________________
(١) ينظر : الجامع لأحكام القرآن : ج ١٥ ص ١٣٣ ـ ١٣٤.
(٢) ينظر : إعراب القرآن : ج ٣ ص ٢٩٩. والحجة للقراء السبعة : ص ٣٢٢.