وقوله تعالى : (أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ ؛) المضطرّ : المكروب المجهود المدفوع إلى ضيق من الأمور من غرق أو مرض أو بلاء أو حبس أو كرب إذا دعاه ، (وَيَكْشِفُ السُّوءَ) ، فيكشف ضرّه ويفرج عنه فيبعده من الغرق وينجيه ويشفيه من المرض ، ويعافيه من البلاء. وقال السديّ : (المضطرّ الّذي لا حول له ولا قوّة) ، وقال دو النّون : (هو الّذي قطع العلائق عمّا دون الله) (١).
قوله تعالى : (وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفاءَ الْأَرْضِ ؛) أي يأتي بقوم بعد قوم ، ويخلق قرنا بعد قرن ، وكلّما أهلك قرنا أنشأ آخرين ، فيكون كلّ خلفاء لمن قبلهم. وقوله تعالى : (أَإِلهٌ مَعَ اللهِ ؛) أي إله سوى الله فعل ذلك ، (قَلِيلاً ما تَذَكَّرُونَ) (٦٢) ؛ أي قليلا ما تتّعظون.
قوله تعالى : (أَمَّنْ يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُماتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ ؛) معناه : أمّن يرشدكم إلى الطريق في ظلماء اللّيل في البرّ والبحر إذا سافر ، ثم بما خلق لكم من القمر والنّجوم والمسالك ، وهذا كقوله (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِها فِي ظُلُماتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ) ، (٢) ويجوز أن يكون المراد بالظّلمات الشّدائد ، (وَمَنْ يُرْسِلُ الرِّياحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ ؛) أي قدّام المطر ، والنّشر : جمع نشور ؛ وهي الرياح التي تأتي بالسّحاب ، قوله تعالى : (أَإِلهٌ مَعَ اللهِ تَعالَى اللهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ) (٦٣) ؛ أي جلّ وعزّ أن يكون له شريك.
قوله تعالى : (أَمَّنْ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ؛) معناه : أمّن يبدأ الخلق في الأرحام من النّطفة ثم يميته ثم يعيده للبعث والنّشور ، وقوله تعالى : (وَمَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ ؛) أي يرزقكم من السّماء المطر ، ومن الأرض النبات والزّرع ، وقوله تعالى : (أَإِلهٌ مَعَ اللهِ قُلْ هاتُوا بُرْهانَكُمْ ؛) أي حجّتكم فيما تدّعونه من إله سواه ، (إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) (٦٤) ؛ أي مع الله آلهة أخرى تصنع شيئا من هذه الأشياء.
__________________
(١) ذكره الثعلبي في الكشف والبيان : ج ٧ ص ٢١٩ ، ونقله القرطبي في الجامع لأحكام القرآن : ج ١٣ ص ٢٢٣.
(٢) الأنعام / ٩٧.