تسير في الهواء سيرا سريعا ، وترى السفينة تحسبها واقفة وهي سائرة ، وقوله تعالى : (وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحابِ) تسير سير السحاب حتى تقع على الأرض فتستوي بها.
قوله تعالى : (صُنْعَ اللهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ ؛) نصب على المصدر ؛ كأنه قال : صنع الله ذلك صنعا على الإتقان والإحكام. وقيل : على الإغراء ؛ أي أبصروا صنع الله الذي أتقن كل شيء ؛ أي أحكم وأبرم ما خلق. ومعنى الإتقان في اللغة : الإحكام للأشياء.
وقوله تعالى : (إِنَّهُ خَبِيرٌ بِما تَفْعَلُونَ) (٨٨) ؛ قرأ نافع وابن عامر والكوفيون بالتاء (١) ، والباقون بالياء ، والمعنى : إنه خبير بما يفعله أعداؤه من المعصية والكفر ، وبما يفعله أولياؤه من الطاعة.
قوله تعالى : (مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها ؛) معناه : من وا في عرصات القيامة بالحسنات ، فله ثواب آجر وأنفع منها. وقيل : معناه : من جاء بالإيمان. قال أبو معشر : (كان إبراهيم يحلف ما ينثني : أن الحسنة لا إله إلا الله) (٢). وقتادة : (الحسنة هي الإخلاص) (٣). والمعنى : من جاء بكلمة الإخلاص بشهادة أن لا إله إلا الله يوم القيامة ؛ أي من وا في يوم القيامة بالإيمان فله خير منها. قال ابن عباس : (فمنها يصل الخير إليه) (٤) أي له من تلك الحسنة خير يوم القيامة ، وهو الثواب والأمن من العذاب. و (خَيْرٌ) هاهنا اسم من غير تفضيل ؛ لأنه ليس خير من لا إله إلا الله ، ولكنه منها خير.
وقال بعضهم : دخلت على علي بن أبي طالب رضى الله عنه فقال لي : (ألا أنبؤك بالحسنة التي من جاء بها أدخله الله الجنة ، والسيئة التي من جاء بها أدخله الله النار ، ولم يقبل منه عملا؟) قلت : بلى ، قال : (الحسنة حبنا ، والسيئة بغضنا) (٥). ومعنى (خَيْرٌ مِنْها) : رضوان الله. وقيل : الأضعاف بعطية الله بالواحدة عشرا فصاعدا.
__________________
(١) في الحجة للقراء السبعة : ج ٣ ص ٢٤٧ ؛ قال : (وقرأ نافع وعاصم وحمزة والكسائي : بالتاء) وقال : (فقرأ ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر بالياء).
(٢) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (٢٠٦٥١).
(٣) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (٢٠٦٥٥).
(٤) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (٢٠٦٦٠).
(٥) لم أقف عليه.