قوله تعالى : (فَما كانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللهِ ؛) أي ما كان له من جند وجماعة يمنعونه من عذاب الله ، (وَما كانَ مِنَ المُنْتَصِرِينَ) (٨١) ؛ أي وما كان من الممتنعين ممّا نزل به من الخسف.
قوله تعالى : (وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكانَهُ بِالْأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَيَقْدِرُ ؛) أي أصبح الذين تمنّوا منزلته وماله بالأمس حين رأوه في زينته يندمون على ذلك التّمنّي ، يقول بعضهم لبعض بعد ما خسف به (وي) هذه كلمة تنبيه ومعناها : أما ترون؟.
قال مجاهد : (وسبيلها سبيل : أما تعلم) ويحكى أنّ امرأة من العرب قال لها زوجها : أين أبوك ، قالت له : ويكأنّه وراء هذا البيت ، يعني أما ترى أنه وراء هذا البيت.
وذهب بعض النّحويّين إلى أنّ قول الرجل : ويكأنّه ، بمنزلة : ويلك إعلم. وقال الخليل ويونس : (وي مفصولة من كأنّ ، و (وي) كلمة تندّم وتنبيه ، و (كأنّ) في هذا الموضع بمعنى الظّنّ والعلم) (١) كأنّهم لمّا رأوا الخسف تكلّموا على قدر علمهم ، وقالوا : كأنّ الله يبسط الرّزق لمن يشاء لا لكرامته عليه ، ويضيّق على من يشاء لا لهوانه عليه.
وقوله تعالى : (لَوْ لا أَنْ مَنَّ اللهُ عَلَيْنا لَخَسَفَ بِنا ؛) أي لو لا أن منّ الله علينا بالعافية والرّحمة والإيمان لخسف بنا. وقرأ يعقوب وحفص : (لَخَسَفَ) بفتح الخاء والسّين ؛ أي لخسف الله بنا. قوله تعالى : (وَيْكَأَنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكافِرُونَ) (٨٢) ؛ أي أما ترى أنه لا يسعد من كفر بالله.
قوله تعالى : (تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُها لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلا فَساداً ؛) المراد بالدّار الجنّة ، (نَجْعَلُها لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا) على خلقي (فِي الْأَرْضِ) ولم يتكبّروا كما تكبّر قارون.
__________________
(١) ينظر : إعراب القرآن للنحاس : ج ٣ ص ١٦٧.