عما ينفعهم من الإيمان بالله (١) وعما يضرهم من الشرك به.
(وَلِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى فَادْعُوهُ بِها وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمائِهِ سَيُجْزَوْنَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ (١٨٠))
قوله (وَلِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى) نزل حين قال المشركون إن محمدا وأصحابه يزعمون أنهم يعبدون ربا واحدا ، فما بالهم يدعون في صلوتهم الله والرحمن والرحيم (٢) ، فقال تعالى ولله الأسماء التي هي أحسن الأسماء لدلالتها على معان حسنة من تحميد وتقديس وتمجيد وغير ذلك (فَادْعُوهُ) أي سموه (بِها) أي بتلك الأسماء ، قال النبي عليهالسلام : «إن لله تسعة وتسعين اسما مائة إلا واحدة ، من أحصاها دخل الجنة» (٣) ، قوله «مائة إلا واحدة» تأكيد ، وتأنيث لفظ «واحدة» على تأويل الكلمة ، وقيل : إنما أكد بذلك لئلا يلتبس بنحو تسعة وسبعين ، ومعنى «من أحصاها» من علم عددها حصرا وعلما وإيمانا بها (٤) ، وقيل : من حفظها على قلبه (٥) ، وقيل : من قرأها كلمة كلمة تبركا وإخلاصا دخل الجنة (٦) ، وفي رواية «وهو وتر يحب الوتر» (٧) ، أي فرد لا نظير له ، يحب من الأذكار والأعمال ما كان على وصف التفرد والإخلاص له.
وهي : هو الله الذي لا إله إلا هو ، ابتدأ بلفظ هو تنبيها للسامع على تأهبه لاستماع اسم ذاته بعده ، يعني الله ، وقدمه لتقدم الموصوف على الوصف ، وهو علم لذاته تعالى لا وصف ، وإلا لكان (٨) كليا ، وهو ممتنع.
الرحمن ، من الرحمة ، بمعنى التعطف في الأصل ، فاستعمل للأنعام مجازا وهو عام معنى لا لفظا. الرحيم ، خاص معنى لا لفظا. الملك ، أي الذي ملك كل شيء وحده. القدوس ، أي البليغ في النزاهة عما لا يليق بعظمته. السّلام ، أي ذو السلامة من العيوب. المؤمن ، أي الذي أمن الخلق من ظلمه. المهيمن ، أي الرقيب على كل شيء بالحفظ له ، العزيز ، أي الذي لا يعجزه شيء عما أراد. الجبار ، أي القاهر لخلقه على ما أراد. المتكبر ، أي الذي لا يرى الكبرياء إلا لنفسه. الخالق ، أي المقدر لما يوجده. البارئ ، المميز بعض خلقه من بعض بالأشكال المختلفة. المصور ، أي الذي يصور الأشياء بكيفياتها. الغفار ، أي الذي يستر ذنوب عباده. القهار ، أي الذي يغلب على خلقه بالقدرة. الوهاب ، أي الذي يهب لخلقه من خزائنه نعمة ورحمة بلا عوض له. الرزاق ، أي الذي يوصل كل شيء يتغذى رزقه. الفتاح ، أي الذي يفتح أبواب الخير على خلقه. العليم ، أي البليغ في علمه بكل شيء في الأرض والسماء. القابض ، أي الذي يمسك الرزق ويقتره. الباسط ، أي الذي يبسط الرزق ويكثره. الخافض ، أي الذي ينزل إلى منزلة الدنيا. الرافع ، أي الذي يرفع إلى منزلة الآخرة. المعز ، أي الذي يعظم بطاعته. المذل ، أي الذي يقهر العبد (٩) بمعصيته. السميع ، أي الذي يعلم كل مسموع. البصير ، أي الذي يعلم كل مبصر. الحكيم ، أي الحاكم بالنعمة وبالنقمة. العدل ، أي الذي يقضي بالحق بين الخلق. اللطيف ، أي العالم بدقائق الأمور أو الذي لا يدركه حس أو الذي اجتمع له الرفق في الفعل والعلم بمصالح خلقه. الخبير ، أي العالم المطلع على كنه الشيء. الحليم ، أي الذي لا يستخفه شيء من عصيان العباد. العظيم ، أي الذي تجاوز قدره عن أن يتصوره العقل. الغفور ، أي البليغ في ستر الذنوب. الشكور ، أي البليغ في قبول طاعة العباد. العلي ، أي الذي لا شيء فوقه في الرتبة والحكم. الكبير ، أي البليغ في مرتبة الجلالة. الحفيظ ، أي الذي لا يغيب كل شيء عنه أو الذي حفظ كل شيء عليه. المقيت ، أي المعطي لكل شيء قوته. الحسيب ، أي الذي يحاسب خلقه يوم البعث. الجليل ، أي الذي له الجلالة في الصفات. الكريم ، أي الذي يكثر منافعه
__________________
(١) بالله ، ب م : ـ س.
(٢) عن مقاتل ، انظر البغوي ، ٢ / ٥٧٥.
(٣) أخرجه مسلم ، الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار ، ٥ ، ٦ ؛ وانظر أيضا السمرقندي ، ١ / ٥٨٤.
(٤) ولم أجد له أصلا في المصادر التي راجعتها.
(٥) وهذا المعنى منقول عن القرطبي ، ٧ / ٣٢٥.
(٦) ولم أجد له أصلا في المصادر التي راجعتها.
(٧) رواه مسلم ، الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار ، ٥ ، ٦ ؛ وانظر أيضا البغوي ، ٢ / ٥٧٥.
(٨) لكان ، ب م : كان ، س.
(٩) العبد ، م : ـ ب س.