(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْناكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خُلَّةٌ وَلا شَفاعَةٌ وَالْكافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ (٢٥٤) اللهُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِما شاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَلا يَؤُدُهُ حِفْظُهُما وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ) (٢٥٥)
الرسل (وَآتَيْنا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّناتِ) كإحياء الموتى وإبراء الأكمه والأبرص وغير ذلك (وَأَيَّدْناهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ) قوّيناه بجبريل أو بالإنجيل (وَلَوْ شاءَ اللهُ مَا اقْتَتَلَ) أي ما اختلف لأنّه سببه (الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ) من بعد الرسل (مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّناتُ) المعجزات الظاهرات (وَلكِنِ اخْتَلَفُوا) بمشيئتي ، ثم بيّن الاختلاف فقال : (فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ) بمشيئتي ، يقول (١) : أجريت أمور رسلي على هذا ، أي لم يجتمع لأحد منهم طاعة جميع أمّته في حياته ولا بعد وفاته بل اختلفوا عليه فمنهم من آمن ومنهم من كفر (وَلَوْ شاءَ اللهُ مَا اقْتَتَلُوا) كرره للتأكيد ، أي لو شئت أن لا يقتتلوا لم يقتتلوا إذ لا يجري في ملكي إلا ما يوافق مشيئتي ، وهذا يبطل قول المعتزلة لأنّه أخبر أنّه لو شاء أن لا يقتتلوا لم يقتتلوا ، وهم يقولون شاء أن لا يقتتلوا فاقتتلوا (وَلكِنَّ اللهَ يَفْعَلُ ما يُرِيدُ) أثبت الإرادة لنفسه كما هو مذهب أهل السّنّة.
٢٥٤ ـ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْناكُمْ) في الجهاد في سبيل الله ، أو هو عام في كلّ صدقة واجبة (مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ) أي من قبل أن يأتي يوم لا تقدرون فيه على تدارك ما فاتكم من الإنفاق لأنّه لا بيع فيه حتى تبتاعوا ما تنفقونه (وَلا خُلَّةٌ) حتى يسامحكم أخلّاؤكم به (وَلا شَفاعَةٌ) أي للكافرين ، فأمّا المؤمنون فلهم شفاعة ، إلّا (٢) بإذنه (وَالْكافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ) أنفسهم بترك (٣) التقديم ليوم حاجاتهم ، أو الكافرون بهذا اليوم هم الظالمون ، لا بيع فيه ولا خلّة ولا شفاعة مكيّ وبصريّ.
٢٥٥ ـ (اللهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) لا مع اسمه وخبره وما أبدل من موضعه في موضع الرفع خبر المبتدأ وهو الله (الْحَيُ) الباقي الذي لا سبيل عليه للفناء (الْقَيُّومُ) الدائم القيام بتدبير الخلق وحفظه (لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ) نعاس ، وهو ما يتقدم النوم من
__________________
(١) في (ظ) و(ز) يقول الله.
(٢) في (ظ) و(ز) أو إلا بإذنه.
(٣) في (ظ) و(ز) بتركهم.