(وَإِنْ كُنْتُمْ عَلى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كاتِباً فَرِهانٌ مَقْبُوضَةٌ فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمانَتَهُ وَلْيَتَّقِ اللهَ رَبَّهُ وَلا تَكْتُمُوا الشَّهادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْها فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ) (٢٨٣)
تكتبوه مختصرا أو مشبعا أو (إِلى أَجَلِهِ) إلى وقته الذي اتفق الغريمان على تسميته (ذلِكُمْ) إشارة إلى أن تكتبوه لأنّه في معنى المصدر أي ذلكم (١) الكتب (أَقْسَطُ) أعدل ، من القسط وهو العدل (عِنْدَ اللهِ) ظرف لأقسط (وَأَقْوَمُ لِلشَّهادَةِ) وأعون على إقامة الشهادة ، وبني أفعل (٢) التفضيل أي أقسط وأقوم من أقسط وأقام على مذهب سيبويه (وَأَدْنى أَلَّا تَرْتابُوا) وأقرب من انتفاء الريب للشاهد والحاكم وصاحب الحق ، فإنّه قد يقع الشكّ في المقدار والصفات وإذا رجعوا إلى المكتوب زال ذلك ، وألف أدنى منقلبة من واو لأنّه من الدّنوّ (إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً حاضِرَةً) عاصم ، أي إلّا أن تكون التجارة تجارة ، أو إلّا أن تكون المعاملة تجارة حاضرة ، غيره تجارة حاضرة على كان التامة أي إلا أن تقع تجارة حاضرة ، أو هي ناقصة والاسم تجارة حاضرة والخبر (تُدِيرُونَها) وقوله (بَيْنَكُمْ) ظرف لتديرونها ، ومعنى إدارتها بينهم تعاطيها يدا بيد (فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَلَّا تَكْتُبُوها) يعني إلّا أن تتبايعوا بيعا ناجزا يدا بيد فلا بأس أن لا تكتبوها لأنّه لا يتوهم فيه ما يتوهم في التداين (وَأَشْهِدُوا إِذا تَبايَعْتُمْ) أمر بالإشهاد على التبايع مطلقا ناجزا أو كالئا لأنّه أحوط وأبعد من وقوع الاختلاف ، أو أريد به وأشهدوا إذا تبايعتم هذا التبايع يعني التجارة الحاضرة ، على أنّ الإشهاد كاف فيه دون الكتابة والأمر للندب (وَلا يُضَارَّ كاتِبٌ وَلا شَهِيدٌ) يحتمل البناء للفاعل لقراءة عمر رضي الله عنه ولا يضارر ، وللمفعول لقراءة ابن عباس رضي الله عنهما ولا يضارر ، والمعنى نهي الكاتب والشهيد عن ترك الإجابة إلى ما يطلب منهما ، وعن التحريف والزيادة والنقصان ، أو النهي عن الضّرار بهما بأن يعجّلا عن مهم ويلزّا ، أو لا يعطى الكاتب حقّه من الجعل ، أو يحمّل الشهيد مؤنة مجيئه من بلد (وَإِنْ تَفْعَلُوا) وإن تضاروا (فَإِنَّهُ) فإن الضّرار (فُسُوقٌ بِكُمْ) مأثم (وَاتَّقُوا اللهَ) في مخالفة أوامره (وَيُعَلِّمُكُمُ اللهُ) شرائع دينه (وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) لا يلحقه سهو ولا قصور.
٢٨٣ ـ (وَإِنْ كُنْتُمْ) أيها المتداينون (عَلى سَفَرٍ) مسافرين (وَلَمْ تَجِدُوا كاتِباً فَرِهانٌ) فرهن مكي وأبو عمرو ، أي فالذي يستوثق به رهن ، وكلاهما جمع رهن
__________________
(١) في (ز) ذلك.
(٢) في (ظ) و(ز) افعلا.