(أُولئِكَ الَّذِينَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَما لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ (٢٢) أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ يُدْعَوْنَ إِلى كِتابِ اللهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ وَهُمْ مُعْرِضُونَ (٢٣) ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلاَّ أَيَّاماً مَعْدُوداتٍ وَغَرَّهُمْ فِي دِينِهِمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ (٢٤) فَكَيْفَ إِذا جَمَعْناهُمْ لِيَوْمٍ لا رَيْبَ فِيهِ وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ) (٢٥)
٢٢ ـ (أُولئِكَ الَّذِينَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ) أي ضاعت (فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ) فلهم اللعنة والخزي في الدّنيا والعذاب في الآخرة (وَما لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ) جمع لوفق (١) رؤوس الآي ، وإلا فالواحد النكرة في النفي يعمّ.
٢٣ ـ (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ) يريد أحبار اليهود وأنّهم حصّلوا نصيبا وافرا من التوراة ، ومن للتبعيض أو للبيان (يُدْعَوْنَ) حال من الذين (إِلى كِتابِ اللهِ) أي التوراة أو القرآن (لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ) جعل حاكما حيث كان سببا للحكم ، أو ليحكم النبيّ ، روي أنه عليهالسلام دخل مدارسهم (٢) فدعاهم ، فقال له نعيم بن عمرو والحارث بن زيد (٣) : على أي دين أنت؟ قال النبي عليهالسلام : (على ملّة إبراهيم) ، قالا : إنّ إبراهيم كان يهوديا ، قال لهما : (إنّ بيننا وبينكم التوراة فهلموا إليها) فأبيا (٤) (ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ) استبعاد لتولّيهم بعد علمهم بأنّ الرجوع إلى كتاب الله واجب (وَهُمْ مُعْرِضُونَ) وهم قوم لا يزال الإعراض ديدنهم (٥).
٢٤ ـ (ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّاماً مَعْدُوداتٍ) أي ذلك التولي والإعراض بسبب تسهيلهم على أنفسهم أمر العقاب وطمعهم في الخروج من النار بعد أيام قلائل وهي أربعون يوما أو سبعة أيام ، وذلك مبتدأ وبأنّهم خبره (وَغَرَّهُمْ فِي دِينِهِمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ) أي غرّهم افتراؤهم على الله وهو قولهم نحن أبناء الله وأحباؤه فلا يعذبنا بذنوبنا إلا مدة يسيرة.
٢٥ ـ (فَكَيْفَ إِذا جَمَعْناهُمْ لِيَوْمٍ) فكيف يكون حالهم في ذلك الوقت (لا رَيْبَ
__________________
(١) في (ز) لوقف.
(٢) المدارس : موضع يقرأ فيه اليهود التوراة.
(٣) نعيم بن عمرو والحارث بن زيد من أحبار يهود المدينة.
(٤) روى ابن جرير نحوه عن ابن عباس.
(٥) في (ظ) الأعراض لهم دينهم.