قُلِ اللهُمَّ مالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (٢٦)
(فِيهِ) لا شكّ في كونه (١) (وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ) جزاء ما كسبت (وَهُمْ) يرجع إلى كلّ نفس على المعنى لأنّه في معنى كلّ الناس (لا يُظْلَمُونَ) بزيادة في سيئاتهم ونقصان في حسناتهم.
٢٦ ـ (قُلِ اللهُمَ) الميم عوض من يا ولذا لا يجتمعان ، وهذا بعض خصائص هذا الاسم كما اختص بالتاء في القسم ، وبدخول حرف النداء عليه ، وفيه لام التعريف ، وبقطع همزته في يا الله ، وبالتفخيم (مالِكَ الْمُلْكِ) تملك جنس الملك فتتصرف فيه تصرف الملّاك فيما يملكون ، وهو نداء ثان ، أي يا مالك الملك (تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشاءُ) تعطي من تشاء النصيب الذي قسمت له من الملك (وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشاءُ) أن تنزعه (٢) ، فالملك الأول عام والملكان الآخران خاصّان بعضان من الكلّ. روي أنّه عليهالسلام حين فتح مكّة وعد أمّته ملك فارس والروم ، فقالت اليهود والمنافقون : هيهات هيهات من أين لمحمد ملك فارس والروم ، هم أعزّ وأمنع من ذلك ، فنزلت (٣) (وَتُعِزُّ مَنْ تَشاءُ) بالملك (وَتُذِلُّ مَنْ تَشاءُ) بنزعه منه (بِيَدِكَ الْخَيْرُ) أي الخير والشرّ ، فاكتفى بذكر أحد الضّدين عن الآخر ، ولأنّ الكلام وقع في الخير الذي يسوقه إلى المؤمنين ، وهو الذي أنكرته الكفرة ، فقال بيدك الخير تؤتيه أولياءك على رغم من أعدائك (٤) (إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) ولا يقدر على شيء أحد غيرك إلا بإقدارك ، وقيل المراد بالملك ملك العافية أو ملك القناعة. قال عليهالسلام : (ملوك الجنة من أمتي القانعون بالقوت يوما فيوما) (٥) أو ملك قيام الليل ، وعن الشبلي رحمهالله (٦) الاستغناء بالمكوّن عن الكونين تعزّ بالمعرفة ، أو بالاستغناء بالمكوّن أو بالقناعة وتذلّ بأضدادها.
ثم ذكر قدرته الباهرة بذكر حال الليل والنهار في المعاقبة بينهما ، وحال الحي والميت في إخراج أحدهما من الآخر ، وعطف عليه رزقه بغير حساب بقوله :
__________________
(١) في (ظ) و(ز) لا شك فيه.
(٢) في (ظ) و(ز) أي.
(٣) ذكر ابن جرير عن قتادة أنه عليهالسلام سأل ربه أن يجعل ملك فارس والروم في أمته فنزلت الآية وذكره الواحدي في أسبابه عن ابن عباس وأنس رضي الله عنهما.
(٤) في (ز) أعداءك.
(٥) لم أجده.
(٦) سقطت من (ظ) و(ز).