(تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَتُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَتَرْزُقُ مَنْ تَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ (٢٧) لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللهِ فِي شَيْءٍ إِلاَّ أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللهِ الْمَصِيرُ) (٢٨)
٢٧ ـ (تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَتُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ) فالإيلاج إدخال الشيء في الشيء ، وهو مجاز هنا أي ينقص من ساعات الليل ويزيد في النهار وينقص من ساعات النهار ويزيد (١) في الليل (وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ) الحيوان من النطفة أو الفرخ من البيضة ، أو المؤمن من الكافر (وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِ) النطفة من الإنسان ، أو البيض من الدجاج ، أو الكافر من المؤمن (وَتَرْزُقُ مَنْ تَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ) لا يعرف الخلق عدده ومقداره وإن كان معلوما عند الله (٢) ليدلّ على أنّ من قدر على تلك الأفعال العظيمة المحيرة للأفهام ثم قدر أن يرزق بغير حساب من يشاء من عباده فهو قادر على أن ينزع الملك من العجم ويذلّهم ويؤتيه العرب ويعزّهم ، وفي بعض الكتب : أنا الله ملك الملوك ، قلوب الملوك ونواصيهم بيدي ، فإن العباد أطاعوني جعلتهم عليهم رحمة ، وإن العباد عصوني جعلتهم عليهم عقوبة ، فلا تشتغلوا بسبّ الملوك ولكن توبوا إليّ أعطفهم عليكم. وهو معنى قوله عليهالسلام : (كما تكونوا يولّى عليكم) (٣) الحيّ من الميّت والميت من الحي بالتشديد حيث كان مدني وكوفي غير أبي بكر.
٢٨ ـ (لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ) نهوا أن يوالوا الكافرين لقرابة بينهم ، أو لصداقة قبل الإسلام أو غير ذلك ، وقد كرر ذلك في القرآن ، والمحبة في الله والبغض في الله باب عظيم في الإيمان (مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ) يعني أنّ لكم في موالاة المؤمنين مندوحة عن موالاة الكافرين فلا تؤثروهم عليهم (وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللهِ فِي شَيْءٍ) أي ومن يوال الكفرة فليس من ولاية الله في شيء ، لأنّ موالاة الولي وموالاة عدوّه متنافيان (إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقاةً) إلّا أن تخافوا من جهتهم أمرا يجب اتقاؤه ، أي إلّا أن يكون للكافر عليك سلطان فتخافه على نفسك ومالك ، فحينئذ يجوز لك إظهار الموالاة وإبطان المعاداة (وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ) أي ذاته فلا تتعرضوا لسخطه بموالاة أعدائه ، وهذا وعيد شديد (وَإِلَى اللهِ الْمَصِيرُ) أي مصيركم
__________________
(١) في (ظ) و(ز) ينقص ويزيد.
(٢) في (ز) معلوما عنده.
(٣) رواه القضائي في مسند الشهاب عن أبي بكرة.