(قُلْ إِنْ تُخْفُوا ما فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللهُ وَيَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٢٩) يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً وَما عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَها وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ وَاللهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ (٣٠) قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (٣١)
إليه ، والعذاب معدّ لديه ، وهو وعيد آخر.
٢٩ ـ (قُلْ إِنْ تُخْفُوا ما فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ) من ولاية الكفّار أو غيرها مما لا يرضي الله (يَعْلَمْهُ اللهُ) ولم يخف عليه ، وهو أبلغ وعيد (وَيَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) استئناف وليس بمعطوف على جواب الشرط ، أي هو الذي يعلم ما في السموات وما في الأرض فلا يخفى عليه سرّكم وعلنكم (وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) فيكون قادرا على عقوبتكم.
٣٠ ـ (يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً وَما عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَها وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً) يوم منصوب بتودّ ، والضمير في بينه لليوم أي يوم القيامة حين تجد كلّ نفس خيرها وشرّها حاضرين تتمنى لو أنّ بينها وبين ذلك اليوم وهو له أمدا بعيدا أي مسافة بعيدة ، أو باذكر ، ويقع (١) على ما عملت وحده ، ويرتفع وما عملت على الابتداء ، وتودّ خبره ، أي والذي عملته من سوء تودّ هي لو تباعد ما بينها وبينه ، ولا يصحّ أن تكون ما شرطية لارتفاع تودّ ، نعم الرفع جائز إذا كان الشرط ماضيا لكن الجزم هو الكثير ، وعن المبرّد أنّ الرفع شاذ ، وكرر قوله (وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ) ليكون على بال منهم لا يغفلون عنه (وَاللهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ) ومن رأفته بهم أن حذّرهم نفسه حتى لا يتعرضوا لسخطه ، ويجوز أن يريد (٢) مع كونه محذورا لكمال قدرته مرجوّ لسعة رحمته كقوله تعالى : (إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ وَذُو عِقابٍ أَلِيمٍ) (٣) ونزل حين قال اليهود نحن أبناء الله وأحباؤه.
٣١ ـ (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ) محبة العبد لله إيثار طاعته على غير ذلك ، ومحبة الله العبد أن يرضى عنه ويحمد فعله ، وعن الحسن : زعم أقوام على عهد رسول الله صلىاللهعليهوسلم أنّهم يحبّون الله فأراد أن يجعل لقولهم تصديقا من عمل فمن ادّعى محبته وخالف سنّة رسوله فهو كذّاب وكتاب الله يكذبه ، وقيل محبة الله
__________________
(١) زاد في (ز) تجد.
(٢) زاد في (ظ) و(ز) أنه.
(٣) فصلت ، ٤١ / ٤٣.