(رَبَّنا آمَنَّا بِما أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنا مَعَ الشَّاهِدِينَ (٥٣) وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللهُ وَاللهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ (٥٤) إِذْ قالَ اللهُ يا عِيسى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَجاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ) (٥٥)
ذاهبا إلى الله ملتجئا إليه (قالَ الْحَوارِيُّونَ) حواريّ الرجل صفوته وخاصته (نَحْنُ أَنْصارُ اللهِ) أعوان دينه (آمَنَّا بِاللهِ وَاشْهَدْ) يا عيسى (بِأَنَّا مُسْلِمُونَ) إنّما طلبوا شهادته بإسلامهم تأكيدا لإيمانهم لأنّ الرسل يشهدون يوم القيامة لقومهم وعليهم ، وفيه دليل على أنّ الإيمان والإسلام واحد.
٥٣ ـ (رَبَّنا آمَنَّا بِما أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ) أي رسولك عيسى (فَاكْتُبْنا مَعَ الشَّاهِدِينَ) مع الأنبياء الذين يشهدون لأممهم ، أو مع الذين يشهدون لك بالوحدانية ، أو مع أمة محمد عليهالسلام لأنّهم شهداء على الناس.
٥٤ ـ (وَمَكَرُوا) أي كفار بني إسرائيل الذين أحسّ (١) منهم الكفر حين أرادوا قتله وصلبه (وَمَكَرَ اللهُ) أي جازاهم على مكرهم بأن رفع عيسى عليهالسلام (٢) إلى السماء وألقى شبهه على من أراد اغتياله حتى قتل ، ولا يجوز إضافة المكر إلى الله تعالى إلا على معنى الجزاء لأنّه مذموم عند الخلق ، وعلى هذا الخداع والاستهزاء ، كذا في شرح التأويلات (وَاللهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ) أقوى المجازين وأقدرهم على العقاب من حيث لا يشعر المعاقب.
٥٥ ـ (إِذْ قالَ اللهُ) ظرف لمكر الله (يا عِيسى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ) أي مستوفي أجلك ، ومعناه أني (٣) عاصمك من أن يقتلك الكفار ومميتك حتف أنفك لا قتلا بأيديهم (وَرافِعُكَ إِلَيَ) إلى سمائي ومقرّ ملائكتي (وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا) من سوء جوارهم وخبث صحبتهم ، وقيل متوفيك قابضك من الأرض ، من توفيت مالي على فلان إذا استوفيته ، أو مميتك في وقتك بعد النزول من السماء ورافعك الآن ، إذ الواو لا توجب الترتيب ، قال النبي عليهالسلام : (ينزل عيسى خليفة على أمتي يدقّ الصليب ويقتل الخنازير ويلبث أربعين سنة ويتزوج ويولد له ثم يتوفى ، وكيف
__________________
(١) زاد في (ز) عيسى.
(٢) ليست في (ظ) و(ز).
(٣) في (ظ) أي.