(فَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَأُعَذِّبُهُمْ عَذاباً شَدِيداً فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَما لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ (٥٦) وَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَاللهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (٥٧) ذلِكَ نَتْلُوهُ عَلَيْكَ مِنَ الْآياتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ (٥٨) إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ قالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) (٥٩)
تهلك أمة أنا في أولها وعيسى في آخرها والمهديّ من أهل بيتي في وسطها) (١) أو متوفي نفسك بالنوم ورافعك وأنت نائم حتى لا يلحقك خوف ، وتستيقظ وأنت في السماء آمن مقرب (وَجاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ) أي المسلمين (٢) لأنّهم متبعوه في أصل الإسلام وإن اختلفت الشرائع ، دون الذين كذّبوه وكذبوا عليه من اليهود والنصارى (فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا) بك (إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ) يعلونهم بالحجة وفي أكثر الأحوال بها وبالسيف (ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ) في الآخرة (فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ).
٥٦ ـ ٥٧ ـ (فَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَأُعَذِّبُهُمْ عَذاباً شَدِيداً فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَما لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ* وَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَاللهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ) وتفسير الحكم هاتان الآيتان ، فيوفّيهم حفص.
٥٨ ـ (ذلِكَ) إشارة إلى ما سبق من نبإ عيسى وغيره ، وهو مبتدأ (نَتْلُوهُ عَلَيْكَ) خبره (مِنَ الْآياتِ) خبر بعد خبر ، أو خبر مبتدأ محذوف (وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ) القرآن ، يعني المحكم ، أو كأنّه ينطق بالحكمة لكثرة حكمه.
ونزل لما قال وفد بني نجران هل رأيت ولدا بلا أب؟ :
٥٩ ـ (إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ) أي إنّ شأن عيسى وحاله الغريبة كشأن آدم عليهالسلام (خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ) قدّره جسدا من طين ، وهي جملة مفسّرة لما (٣) له شبّه عيسى بآدم ولا موضع لها ، أي خلق آدم من تراب ولم يكن ثم (٤) أب ولا أمّ ، فكذلك حال عيسى مع أنّ الوجود من غير أب وأم أغرب وأخرق للعادة من الوجود من غير أب ، فشبّه الغريب بالأغرب ليكون أقطع للخصم وأحسم لمادة شبهته إذا نظر فيما هو أغرب مما استغربه ، وعن بعض العلماء أنّه أسر بالروم فقال لهم : لم تعبدون
__________________
(١) رواه ابن جرير بسند صحيح عن كعب وأخصر منه وليس فيه ذكر المهدي.
(٢) في (ز) المسلمين.
(٣) في (ز) لحاله.
(٤) في (ظ) و(ز) ثمة.