(قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآياتِ اللهِ وَاللهُ شَهِيدٌ عَلى ما تَعْمَلُونَ (٩٨) قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ مَنْ آمَنَ تَبْغُونَها عِوَجاً وَأَنْتُمْ شُهَداءُ وَمَا اللهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ) (٩٩)
خمس ملل ، قالوا لا نؤمن به ولا نصلي إليه (١) ولا نحجّه فنزل (وَمَنْ كَفَرَ) (٢) أي جحد فرضية الحجّ ، وهو قول ابن عباس والحسن وعطاء ، ويجوز أن يكون من الكفران أي ومن لم يشكر ما أنعمت عليه من صحة الجسم وسعة الرزق ولم يحج (فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ) مستغن عنهم وعن طاعتهم ، وفي هذه الآية أنواع من التأكيد والتشديد ، منها اللّام وعلى ، أي أنّه حقّ واجب لله في رقاب الناس ، ومنها الإبدال ففيه تثنية للمراد وتكرير له ، ولأنّ الإيضاح بعد الإبهام والتفصيل بعد الإجمال إيراد له في صورتين مختلفتين ، ومنها قوله ومن كفر مكان ومن لم يحج تغليظا على تارك (٣) الحج ، ومنها ذكر الاستغناء وذلك دليل على المقت والسخط ، ومنها قوله عن العالمين وإن لم يقل عنه ، وما فيه من الدلالة على الاستغناء عنه ببرهان لأنّه إذا استغنى عن العالمين تناوله الاستغناء لا محالة ، ولأنّه يدلّ على الاستغناء الكامل فكان أدلّ (٤) على عظم السخط الذي وقع عبارة عنه.
٩٨ ـ (قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآياتِ اللهِ وَاللهُ شَهِيدٌ عَلى ما تَعْمَلُونَ) الواو للحال ، والمعنى لم تكفرون بآيات الله الدّالة على صدق محمد عليهالسلام (٥) ، والحال أنّ الله شهيد على أعمالكم فيجازيكم عليها.
٩٩ ـ (قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تَصُدُّونَ) الصدّ المنع (عَنْ سَبِيلِ اللهِ مَنْ آمَنَ) عن دين حقّ علم أنّه سبيل الله التي أمر بسلوكها وهو الإسلام ، وكانوا يمنعون من أراد الدخول فيه بجهدهم ، ومحل (تَبْغُونَها) تطلبون لها نصب على الحال (عِوَجاً) اعوجاجا وميلا عن القصد والاستقامة بتغييركم صفة رسول الله صلىاللهعليهوسلم (٦) عن وجهها ونحو ذلك (وَأَنْتُمْ شُهَداءُ) أنّها سبيل الله التي لا يصدّ عنها إلّا ضال مضل (وَمَا اللهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ) من الصدّ عن سبيله وهو وعيد شديد.
ثم نهى المؤمنين عن اتّباع هؤلاء الصّادين عن سبيله بقوله :
__________________
(١) ليس في (ظ) إليه.
(٢) أخرجه ابن جرير من طريق جبير عن الضحاك ، وهو معضل ، وجبير متروك الحديث ، قاله ابن حجر.
(٣) في (ز) تاركي.
(٤) في (ظ) أوّل وهو خطأ من الناسخ.
(٥) ليس في (أ) عليهالسلام.
(٦) ليست في (أ).