(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقاً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ كافِرِينَ (١٠٠) وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلى عَلَيْكُمْ آياتُ اللهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (١٠١) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) (١٠٢)
١٠٠ ـ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقاً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ كافِرِينَ) قيل مرّ شاس بن قيس اليهودي على نفر من الأنصار من الأوس والخزرج في مجلس لهم يتحدثون ، فغاظه تحدثهم وتألفهم ، فأمر شابا من اليهود أن يذكرهم يوم بعاث لعلّهم يغضبون ، وكان يوما اقتتلت فيه الأوس والخزرج وكان الظفر فيه للأوس ففعل ، فتنازع القوم عند ذلك ، وقالوا السلاح السلاح ، فبلغ النبي عليهالسلام فخرج إليهم فيمن معه من المهاجرين والأنصار فقال : (أتدعون الجاهلية وأنا بين أظهركم بعد إذ أكرمكم الله بالإسلام وألّف بينكم) (١) فعرف القوم أنها نزغة من الشيطان فألقوا السلاح وعانق بعضهم بعضا باكين ، فنزلت الآية :
١٠١ ـ (وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ) معنى الاستفهام فيه الإنكار والتعجب أي من أين يتطرق إليكم الكفر (وَأَنْتُمْ تُتْلى عَلَيْكُمْ آياتُ اللهِ) والحال أنّ آيات الله وهي القرآن المعجز تتلى عليكم على لسان الرسول غضة طرية (وَفِيكُمْ رَسُولُهُ) وبين أظهركم رسول الله عليهالسلام (٢) ينبهكم ويعظكم ويزيح عنكم شبهكم (وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللهِ) ومن يتمسك بدينه أو بكتابه ، أو هو حثّ لهم على الالتجاء إليه لدفع (٣) شرور الكفار ومكايدهم (فَقَدْ هُدِيَ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) أرشد إلى الدّين الحقّ ، أو ومن يجعل ربّه ملجأ ومفزعا عند الشّبه يحفظه عن الشّبه.
١٠٢ ـ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقاتِهِ) واجب تقواه ، وما يحق منها ، وهو القيام بالواجب والاجتناب عن المحارم ، وعن عبد الله (٤) : هو أن يطاع فلا يعصى ويشكر فلا يكفر ويذكر فلا ينسى ، أو هو أن لا تأخذه في الله لومة لائم ويقوم بالقسط ولو على نفسه أو بنيه أو أبيه ، وقيل : لا يتقي الله عبد حقّ تقاته حتى يحزن لسانه ، والتقاة من اتقى كالتؤدة من اتأد (وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) ولا تكوننّ على حال سوى حال الإسلام إذا أدرككم الموت.
__________________
(١) أخرجه الطبري عن زيد بن أسلم ، وابن إسحاق في المغازي وذكره الثعلبي ، والواحدي في أسبابه عن زيد بن أسلم بغير إسناد.
(٢) ليست في (أ) و(ظ).
(٣) في (ظ) و(ز) في دفع.
(٤) هو عبد الله بن مسعود.