(وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْداءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْواناً وَكُنْتُمْ عَلى شَفا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْها كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آياتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (١٠٣) وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (١٠٤)
١٠٣ ـ (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ) تمسكوا بالقرآن لقوله عليهالسلام : (القرآن حبل الله المتين لا تنقضي عجائبه ولا يخلق (١) عن كثرة الرّدّ من قال به صدق ومن عمل به رشد ومن اعتصم به هدي إلى صراط مستقيم) (٢) (جَمِيعاً) حال من ضمير المخاطبين ، وقيل تمسكوا بإجماع الأمة ، دليله (وَلا تَفَرَّقُوا) أي ولا تتفرقوا يعني ولا تفعلوا ما يكون عنه التفرق ويزول معه الاجتماع ، أو ولا تتفرقوا عن الحقّ بوقوع الاختلاف بينكم كما اختلفت اليهود والنّصارى ، أو كما كنتم متفرقين في الجاهلية يحارب بعضكم بعضا (وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْداءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْواناً) كانوا في الجاهلية بينهم العداوات (٣) والحروب فألّف بين قلوبهم بالإسلام ، وقذف في قلوبهم المحبة فتحابوا وصاروا إخوانا (وَكُنْتُمْ عَلى شَفا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ) وكنتم مشفين (٤) على أن تقعوا في نار جهنم لما كنتم عليه من الكفر (فَأَنْقَذَكُمْ مِنْها) بالإسلام ، وهو ردّ على المعتزلة ، فعندهم هم الذين ينقذون أنفسهم لا الله تعالى ، والضمير للحفرة أو للنار أو للشفا ، وأنّث لإضافته إلى الحفرة ، وشفا الحفرة : حرفها ، ولامها واو فلهذا يثنى شفوان (كَذلِكَ) مثل ذلك البيان البليغ (يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آياتِهِ) أي القرآن الذي فيه أمر ونهي ووعد ووعيد (لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) لتكونوا على رجاء الهداية ، أو لتهتدوا به إلى الصواب وما ينال به الثواب.
١٠٤ ـ (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ) بما استحسنه الشرع والعقل (وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ) عما استقبحه الشرع والعقل ، أو المعروف ما وافق الكتاب والسّنّة والمنكر ما خالفهما ، أو المعروف الطاعات (٥) والمنكر المعاصي ،
__________________
(١) يخلق : يبلى.
(٢) أخرجه الترمذي في فضائل القرآن من حديث حمزة الزيات ، وقال غريب ، وأخرجه ابن أبي شيبة وإسحاق والدارمي والبزار من طريق الحارث وله شاهد عن معاذ. ورواه الحاكم من حديث ابن مسعود مرفوعا.
(٣) في (ظ) و(ز) العداوة.
(٤) مشفين : أي مشرفين.
(٥) في (ز) الطاعة.