(أُولئِكَ جَزاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَنِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ (١٣٦) قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُروا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (١٣٧) هذا بَيانٌ لِلنَّاسِ وَهُدىً وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ (١٣٨) وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) (١٣٩)
الإقامة ، قال عليهالسلام : (ما أصر من استغفر وإن عاد في اليوم سبعين مرة) (١) وروي : «لا كبيرة مع الاستغفار ولا صغيرة مع الإصرار» (٢) (وَهُمْ يَعْلَمُونَ) حال من الضمير في ولم يصروا ، أي وهم يعلمون أنّهم أساءوا ، أو وهم يعلمون أنّه لا يغفر ذنوبهم إلا الله.
١٣٦ ـ (أُولئِكَ) الموصوفون (جَزاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ) بتوبته (وَجَنَّاتٌ) برحمته (تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَنِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ) المخصوص بالمدح محذوف ، أي ونعم أجر العاملين ذلك ، يعني المغفرة ، والجنات ، نزلت في تمّار قال لامرأة تريد التمرة : في بيتي تمر أجود ، فأدخلها بيته وضمّها إلى نفسه وقبّلها فندم ، أو في أنصاري استخلفه ثقفي وقد آخى بينهما النبي عليهالسلام في غيبة غزوة فأتى أهلها لكفاية حاجة فرآها فقبّلها فندم فساح في الأرض صارخا فاستعتبه الله تعالى.
١٣٧ ـ (قَدْ خَلَتْ) مضت (مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ) يريد ما سنّة الله تعالى في الأمم المكذبين من وقائعه (فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُروا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ) فتعتبروا بها.
١٣٨ ـ (هذا) أي القرآن وما تقدم (٣) ذكره (بَيانٌ لِلنَّاسِ وَهُدىً) أي إرشاد (وَمَوْعِظَةٌ) ترغيب وترهيب (لِلْمُتَّقِينَ) عن الشرك.
١٣٩ ـ (وَلا تَهِنُوا) ولا تضعفوا عن الجهاد لما أصابكم من الهزيمة (وَلا تَحْزَنُوا) على ما فاتكم من الغنيمة ، أو على من قتل منكم أو جرح ، وهو تسلية من الله لرسوله وللمؤمنين عما أصابهم يوم أحد وتقوية لقلوبهم (وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ) وحالكم أنّكم أعلى منهم وأغلب لأنّكم أصبتم منهم يوم بدر أكثر مما أصابوا منكم يوم أحد ، أو وأنتم الأعلون بالنصر والظفر في العاقبة ، وهي بشارة بالعلوّ والغلبة (وَإِنَّ جُنْدَنا
__________________
(١) رواه أبو داود والترمذي وأبو يعلى والبزار ، قال الترمذي : غريب.
(٢) قال ابن حجر : رواه إسحاق بن بشر أبو حذيفة في المبتدأ عن الثوري عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة وإسحاق حديثه منكر ، ورواه الطبراني في مسند الشاميين من روآية مكحول عن أبي سلمة عن أبي هريرة وفي إسناده بشر بن عبد الوارث وهو متروك ، ورواه الثعلبي ، وابن شاهين في الترغيب.
(٣) في (ظ) و(ز) أو ما تقدم.