إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُداوِلُها بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَداءَ وَاللهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (١٤٠) وَلِيُمَحِّصَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكافِرِينَ) (١٤١)
(لَهُمُ الْغالِبُونَ) (١) أو وأنتم الأعلون شأنا ، لأنّ قتالكم لله ولإعلاء كلمته وقتالهم للشيطان ولإعلاء كلمة الكفر ، أو لأنّ قتلاكم في الجنة وقتلاهم في النار (إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) متعلق بالنهي ، أي ولا تهنوا إن صح إيمانكم ، يعني أنّ صحة الإيمان توجب قوة القلب والثقة بوعد الله وقلة المبالاة بأعدائه ، أو بالأعلون ، أي إن كنتم مصدقين بما يعدكم الله به ويبشركم من الغلبة.
١٤٠ ـ (إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ) بضم القاف حيث كان كوفي غير حفص ، وبفتح القاف غيرهم ، وهما لغتان كالضعف والضعف ، وقيل بالفتح الجراحة وبالضّم ألمها (فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ) أي إن نالوا منكم يوم أحد فقد نلتم منهم قبله يوم بدر ، ثم لم يضعف ذلك قلوبهم ولم يمنعهم عن معاودتكم إلى القتال ، فأنتم أولى أن لا تضعفوا (وَتِلْكَ) مبتدأ (الْأَيَّامُ) صفته والخبر (نُداوِلُها) نصرّفها (بَيْنَ النَّاسِ) أي نصرّف ما فيها من النعم والنّقم ، نعطي لهؤلاء تارة وطورا لهؤلاء ، كبيت الكتاب.
فيوما علينا ويوما لنا |
|
ويوما نساء ويوما نسرّ (٢) |
(وَلِيَعْلَمَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا) أي نداولها لضروب من التدبير ، وليعلم الله المؤمنين مميزين بالصبر والإيمان من غيرهم كما علمهم قبل الوجود (وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَداءَ) وليكرم ناسا منكم بالشهادة ، يريد المستشهدين يوم أحد ، أو ليتخذ منكم من يصلح للشهادة على الأمم يوم القيامة من قوله : (لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ) (٣) (وَاللهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ) اعتراض بين بعض التعليل وبعض ، ومعناه والله لا يحب من ليس من هؤلاء الثابتين على الإيمان المجاهدين في سبيله وهم المنافقون والكافرون.
١٤١ ـ (وَلِيُمَحِّصَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا) التمحيص : التطهير والتصفية (وَيَمْحَقَ الْكافِرِينَ) ويهلكهم ، يعني إن كانت الدولة على المؤمنين فللتمييز والاستشهاد والتمحيص ، وإن كانت على الكافرين فلمحقهم ومحو آثارهم.
__________________
(١) الصافات ، ٣٧ / ١٧٣.
(٢) لم أجد أصله.
(٣) البقرة ، ٢ / ١٤٣.