(وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ ناراً خالِداً فِيها وَلَهُ عَذابٌ مُهِينٌ (١٤) وَاللاَّتِي يَأْتِينَ الْفاحِشَةَ مِنْ نِسائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللهُ لَهُنَّ سَبِيلاً (١٥) وَالَّذانِ يَأْتِيانِها مِنْكُمْ فَآذُوهُما فَإِنْ تابا وَأَصْلَحا فَأَعْرِضُوا عَنْهُما إِنَّ اللهَ كانَ تَوَّاباً رَحِيماً) (١٦)
١٤ ـ (وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ ناراً خالِداً فِيها) انتصب خالدين وخالدا على الحال ، وجمع مرة وأفرد أخرى نظرا إلى معنى من ولفظها. ندخله فيهما مدني وشامي (وَلَهُ عَذابٌ مُهِينٌ) لهوانه عند الله ، ولا تعلّق للمعتزلة والخوارج (١) بالآية فإنّها في حقّ الكفار إذ الكافر هو الذي تعدى الحدود كلّها ، وأما المؤمن العاصي فهو مطيع بالإيمان غير متعد حدّ التوحيد ولهذا فسر الضحّاك المعصية هنا بالشرك ، وقال الكلبي ومن يعص الله ورسوله بكفره بقسمة المواريث ويتعدّ حدوده استحلالا.
ثمّ خاطب الحكام فقال :
١٥ ـ (وَاللَّاتِي) هي جمع التي وموضعها رفع بالابتداء (يَأْتِينَ الْفاحِشَةَ) أي الزنا لزيادتها في القبح على كثير من القبائح ، يقال أتى الفاحشة وجاءها ورهقها وغشيها بمعنى (مِنْ نِسائِكُمْ) من للتبعيض والخبر (فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَ) فاطلبوا الشهادة (أَرْبَعَةً مِنْكُمْ) من المؤمنين (فَإِنْ شَهِدُوا) بالزنا (فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ) فاحبسوهن (حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ) أي ملائكة الموت كقوله (الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ) (٢) أو حتى يأخذهنّ الموت ويستوفي أرواحهنّ (أَوْ يَجْعَلَ اللهُ لَهُنَ) قيل أو بمعنى إلّا أن (سَبِيلاً) غير هذه ، عن ابن عباس رضي الله عنهما السبيل للبكر جلد مائة وتغريب عام وللثيب الرجم لقوله عليهالسلام : (خذوا عني ، خذوا عني قد جعل الله لهن سبيلا البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام والثيب بالثيب جلد مائة ورجم بالحجارة) (٣).
١٦ ـ (وَالَّذانِ) يريد الزاني والزانية. وبتشديد النون مكي (يَأْتِيانِها مِنْكُمْ) الفاحشة (٤) (فَآذُوهُما) بالتوبيخ والتعبير وقولوا لهما أما استحييتما أما خفتما
__________________
(١) ليس في (ز) والخوارج.
(٢) النحل ، ١٦ / ٢٨ و ٣٢.
(٣) رواه الإمام أحمد.
(٤) زاد في (ظ) و(ز) أي.