إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها وَإِذا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللهَ كانَ سَمِيعاً بَصِيراً (٥٨) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً) (٥٩)
(خالِدِينَ فِيها أَبَداً لَهُمْ فِيها أَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ) من الأنجاس والحيض والنّفاس (وَنُدْخِلُهُمْ ظِلًّا ظَلِيلاً) هو صفة مشتقة من لفظ الظلّ لتأكيد معناه كما يقال : ليل أليل ، وهو ما كان طويلا فينانا لا جوب فيه ودائما لا تنسخه الشمس ، وسجسجا لا حرّ فيه ولا برد ، وليس ذلك إلا ظلّ الجنة.
ثم خاطب الولاة بأداء الأمانات والحكم بالعدل بقوله :
٥٨ ـ (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها) وقيل قد دخل في هذا الأمر أداء الفرائض التي هي أمانة الله تعالى التي حملها الإنسان ، وحفظ الحواس التي هي ودائع الله تعالى (وَإِذا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ) قضيتم (أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ) بالسّويّة والإنصاف ، وقيل إنّ عثمان بن طلحة بن عبد الدار كان سادن الكعبة وقد أخذ رسول الله صلىاللهعليهوسلم منه مفتاح الكعبة ، فلما نزلت الآية أمر عليا رضي الله عنه بأن يردّه إليه وقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : (لقد أنزل الله في شأنك قرآنا) وقرأ عليه الآية ، فأسلم عثمان ، فهبط جبريل عليهالسلام وأخبر رسول الله صلىاللهعليهوسلم أنّ السدانة في أولاد عثمان أبدا (١) (إِنَّ اللهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ) ما نكرة منصوبة موصوفة بيعظكم به ، كأنّه قيل نعم شيئا يعظكم به ، أو موصولة مرفوعة المحلّ صلتها ما بعدها أي نعم الشيء الذي يعظكم به ، والمخصوص بالمدح محذوف أي نعمّا يعظكم به ذلك ، وهو المأمور به من أداء الأمانات والعدل في الحكم. وبكسر النون وسكون العين مدني وأبو عمرو ، وبفتح النون وكسر العين شامي وحمزة وعلي (إِنَّ اللهَ كانَ سَمِيعاً) لأقوالكم (بَصِيراً) بأعمالكم.
ولما أمر الولاة بأداء الأمانات والحكم بالعدل أمر الناس بأن يطيعوهم بقوله :
٥٩ ـ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) أي الولاة أو العلماء لأنّ أمرهم ينفذ على الأمراء (فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ) فإن اختلفتم أنتم وأولو الأمر في شيء من أمور الدّين (فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ) أي ارجعوا فيه إلى الكتاب والسّنّة (إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) أي إنّ الإيمان يوجب الطاعة دون
__________________
(١) ذكره الثعلبي ثم البغوي بغير إسناد ، وذكره الواحدي في الأسباب.