(فَكَيْفَ إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جاؤُكَ يَحْلِفُونَ بِاللهِ إِنْ أَرَدْنا إِلاَّ إِحْساناً وَتَوْفِيقاً (٦٢) أُولئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللهُ ما فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً (٦٣) وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ لِيُطاعَ بِإِذْنِ اللهِ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جاؤُكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللهَ تَوَّاباً رَحِيماً) (٦٤)
٦٢ ـ (فَكَيْفَ) تكون حالهم وكيف يصنعون (إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ) من قتل عمر بشرا (بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ) من التحاكم إلى غيرك واتهامهم لك في الحكم (ثُمَّ جاؤُكَ) أي أصحاب القتيل من المنافقين (يَحْلِفُونَ بِاللهِ) حال (إِنْ أَرَدْنا) ما أردنا بتحاكمنا إلى غيرك (إِلَّا إِحْساناً) لا إساءة (وَتَوْفِيقاً) بين الخصمين ، ولم نرد مخالفة لك ولا تسخّطا لحكمك ، وهذا وعيد لهم على فعلهم وأنّهم سيندمون عليه حين لا ينفعهم الندم ولا يغني عنهم الاعتذار ، وقيل جاء أولياء المنافق يطلبون بدمه وقد أهدره الله فقالوا ما أردنا بالتحاكم إلى عمر إلّا أن يحسن إلى صاحبنا بحكومة العدل والتوفيق بينه وبين خصمه وما خطر ببالنا أنّه يحكم له بما حكم به.
٦٣ ـ (أُولئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللهُ ما فِي قُلُوبِهِمْ) من النفاق (فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً) فأعرض عن قبول الأعذار ، وعظ بالزجر والإنكار ، وبالغ في وعظهم بالتخويف والإنذار ، أو أعرض عن عقابهم وعظهم في عتابهم وبلّغ كنه ما في ضميرك من الوعظ بارتكابهم ، والبلاغة أن يبلغ بلسانه كنه ما في جنانه ، وفي أنفسهم يتعلق بقل لهم أي قل لهم أي قل لهم في معنى أنفسهم الخبيثة وقلوبهم المطوية على النفاق قولا بليغا يبلغ منهم ويؤثر فيهم.
٦٤ ـ (وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ) أي رسولا قط (إِلَّا لِيُطاعَ بِإِذْنِ اللهِ) بتوفيقه في طاعته وتيسيره ، أو بسبب إذن الله في طاعته ، وبأنّه أمر المبعوث إليهم بأن يطيعوه (١) لأنّه مؤد عن الله ، فطاعته طاعة الله ، ومن يطع الرسول فقد أطاع الله (وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ) بالتحاكم إلى الطاغوت (جاؤُكَ) تائبين من النفاق معتذرين عما ارتكبوا من الشقاق (فَاسْتَغْفَرُوا اللهَ) من النفاق والشقاق (وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ) بالشفاعة لهم ، والعامل في إذ ظلموا خبر أنّ وهو جاؤوك ، والمعنى
__________________
(١) في (أ) يطيعوها.