(فَقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللهِ لا تُكَلَّفُ إِلاَّ نَفْسَكَ وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَسَى اللهُ أَنْ يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَاللهُ أَشَدُّ بَأْساً وَأَشَدُّ تَنْكِيلاً (٨٤) مَنْ يَشْفَعْ شَفاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْها وَمَنْ يَشْفَعْ شَفاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْها وَكانَ اللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتاً) (٨٥)
تدبيره كيف يدبّرونه وما يأتون ويذرون فيه. والنبط : الماء الذي يخرج من البئر أولّ ما تحفر واستنباطه استخراجه استعير لما يستخرجه الرجل بفضل ذهنه من المعاني والتدابير فيما يعضل (وَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ) بإرسال الرسول (وَرَحْمَتُهُ) بإنزال الكتاب (لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطانَ) لبقيتم على الكفر (إِلَّا قَلِيلاً) لم يتبعوه ، ولكن آمنوا بالعقل كزيد بن عمرو بن نفيل (١) وقس بن ساعدة (٢) وغيرهما.
لما ذكر في الآي قبلها تثبطهم عن القتال وإظهارهم الطاعة وإضمارهم خلافها قال :
٨٤ ـ (فَقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللهِ) إن أفردوك وتركوك وحدك (لا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ) غير نفسك وحدها أن تقدّمها إلى الجهاد فإنّ الله تعالى هو (٣) ناصرك لا الجنود ، وقيل دعا الناس في بدر الصغرى إلى الخروج وكان أبو سفيان واعد رسول الله صلىاللهعليهوسلم اللقاء فيها فكره بعض الناس أن يخرجوا فنزلت ، فخرج وما معه إلا سبعون ولو لم يتبعه أحد لخرج وحده (وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ) وما عليك في شأنهم إلّا التحريض على القتال فحسب لا التعنيف بهم (عَسَى اللهُ أَنْ يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا) أي بطشهم وشدتهم وهم قريش ، وقد كفّ بأسهم بالرعب فلم يخرجوا ، وعسى كلمة مطمعة غير أن إطماع الكريم أعود من إنجاز اللئيم (وَاللهُ أَشَدُّ بَأْساً) من قريش (وَأَشَدُّ تَنْكِيلاً) تعذيبا ، وهو تمييز كبأسا.
٨٥ ـ (مَنْ يَشْفَعْ شَفاعَةً حَسَنَةً) هي الشفاعة في دفع شر أو جذب (٤) نفع مع جوازها شرعا (يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْها) من ثواب الشفاعة (وَمَنْ يَشْفَعْ شَفاعَةً سَيِّئَةً) هي خلاف الشفاعة الحسنة. قال ابن عباس رضي الله عنهما : ما لها مفسر غيري معناه
__________________
(١) زيد بن عمرو بن نفيل ابن عم عمر بن الخطاب ، لم يدرك الإسلام ، كان نصير المرأة في الجاهلية ، وكان يكره عبادة الأوثان ، عبد الله على دين إبراهيم عليهالسلام توفي عام ١٧ ق. ه (الأعلام ٣ / ٦٠).
(٢) قس بن ساعدة بن عمرو بن عدي بن مالك ، من بني أياد ، أحد حكماء العرب في الجاهلية كان أسقف نجران ، لم يدرك الإسلام ، توفي عام ٢٣ ق. ه (الأعلام ٥ / ١٩٦).
(٣) ليست في (ز).
(٤) في (ظ) و(ز) جلب.