(وَإِذا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْها أَوْ رُدُّوها إِنَّ اللهَ كانَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيباً (٨٦) اللهُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ لا رَيْبَ فِيهِ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللهِ حَدِيثاً) (٨٧)
من أمر بالتوحيد وقاتل أهل الكفر ، وضدّه السيئة. وقال الحسن : هو المشي بالصلح ، وضدّه النميمة (يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْها) نصيب (وَكانَ اللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتاً) مقتدرا من أقات على الشيء اقتدر عليه ، أو حفيظا من القوت لأنّه يمسك النفس ويحفظها.
٨٦ ـ (وَإِذا حُيِّيتُمْ) أي سلّم عليكم ، فإنّ التحية في ديننا بالسلام في الدارين ، فسلموا على أنفسكم تحية من عند الله (تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلامٌ) (١) وكانت العرب تقول عند اللقاء : حيّاك الله أي أطال الله حياتك فأبدل ذلك بعد الإسلام بالسلام (بِتَحِيَّةٍ) هي تفعلة من حيّا يحيّي تحية (فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْها) أي قولوا وعليكم السلام ورحمة الله إذا قال السلام عليكم وأن يزيد (٢) وبركاته إذا قال ورحمة الله ، ويقال لكلّ شيء منتهى ومنتهى السلام وبركاته (أَوْ رُدُّوها) أي أجيبوها بمثلها ، وردّ السلام جوابه بمثله لأنّ المجيب يردّ قول المسلّم ، وفيه حذف مضاف أي ردوا مثلها : والتسليم سنة والردّ فريضة والأحسن فضل. وما من رجل يمر على قوم مسلمين فيسلم عليهم ولا يردون عليه إلا نزع عنهم روح القدس وردت عليه الملائكة. ولا يردّ السلام في الخطبة وقراءة القرآن جهرا ورواية الحديث وعند مذاكرة العلم والأذان والإقامة. وعند أبي يوسف رحمهالله لا يسلم على لاعب الشطرنج والنرد والمغني والقاعد لحاجته ومطير الحمام والعاري من غير عذر في حمام أو غيره ، ويسلم الرجل إذا دخل على امرأته والماشي على القاعد والراكب على الماشي وراكب الفرس على راكب الحمار والصغير على الكبير والأقلّ على الأكثر وإذا التقيا ابتدرا ، وقيل بأحسن منها لأهل الملة ، أو ردوها لأهل الذمة ، وعن النبي صلىاللهعليهوسلم : (إذا سلم عليكم أهل الكتاب فقولوا وعليكم) (٣) أي وعليكم ما قلتم لأنّهم كانوا يقولون السّام عليكم وقوله عليهالسلام : (لا غرار في تسليم) (٤) أي لا يقال عليك بل عليكم لأنّ كاتبيه معه (إِنَّ اللهَ كانَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيباً) أي يحاسبكم على كلّ شيء من التحية وغيرها.
٨٧ ـ (اللهُ) مبتدأ (لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) خبره ، أو اعتراض والخبر (لَيَجْمَعَنَّكُمْ
__________________
(١) الأحزاب ، ٣٣ / ٤٤.
(٢) في (ز) وزيدوا.
(٣) متفق عليه من حديث أنس رضي الله عنه.
(٤) رواه أحمد بلفظ : (لا إغرار في صلاة ولا تسليم). من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.