(لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللهِ شَيْئاً إِنْ أَرادَ أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١٧) وَقالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصارى نَحْنُ أَبْناءُ اللهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ) (١٨)
الإسلام (بِإِذْنِهِ) بإرادته وتوفيقه (وَيَهْدِيهِمْ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ).
١٧ ـ (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ) معناه بتّ القول على أنّ الله هو المسيح لا غير ، قيل كان في النصارى قوم يقولون ذلك ، أو لأنّ مذهبهم يؤدي إليه ، حيث إنهم اعتقدوا أنّه يخلق ويحيي ويميت (قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللهِ شَيْئاً) فمن يمنع من قدرته ومشيئته شيئا (إِنْ أَرادَ أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً) أي إن أراد أن يهلك من دعوه إلها من المسيح وأمه ، يعني أنّ المسيح عبد مخلوق كسائر العباد ، وعطف من في الأرض جميعا على المسيح وأمه إبانة أنهما من جنسهم لا تفاوت بينهما وبينهم ، والمعنى أنّ من اشتمل عليه رحم الأمومية متى يفارقه نقص البشرية؟ ومن لاحت عليه شواهد الحدثية أنّى يليق به نعت الربوبية؟ ولو قطع البقاء عن جميع ما أوجد لم يعد نقص إلى الصمدية (وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما يَخْلُقُ ما يَشاءُ) أي يخلق من ذكر وأنثى ، ويخلق من أنثى بلا ذكر كما خلق عيسى ، ويخلق من ذكر من غير أنثى كما خلق حواء من آدم ، ويخلق من غير ذكر وأنثى كما خلق آدم ، أو يخلق ما يشاء كخلق الطير على يد عيسى معجزة له ، فلا اعتراض عليه لأنه الفعال لما يريد (وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ).
١٨ ـ (وَقالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصارى نَحْنُ أَبْناءُ اللهِ وَأَحِبَّاؤُهُ) أي أعزة عليه كالابن على الأب ، أو أشياع ابني الله عزير والمسيح ، كما قيل لأشياع أبي خبيب وهو عبد الله بن الزبير الخبيبيّون ، وكما كان يقول رهط مسيلمة نحن أنبياء (١) الله ، ويقول أقرباء الملك وحشمه نحن الملوك (٢) ، أو نحن أبناء رسل الله (قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ
__________________
(١) في (ز) أبناء.
(٢) في (ز) نحن أبناء الملوك.