(لَقَدْ أَخَذْنا مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ وَأَرْسَلْنا إِلَيْهِمْ رُسُلاً كُلَّما جاءَهُمْ رَسُولٌ بِما لا تَهْوى أَنْفُسُهُمْ فَرِيقاً كَذَّبُوا وَفَرِيقاً يَقْتُلُونَ (٧٠) وَحَسِبُوا أَلاَّ تَكُونَ فِتْنَةٌ فَعَمُوا وَصَمُّوا ثُمَّ تابَ اللهُ عَلَيْهِمْ ثُمَّ عَمُوا وَصَمُّوا كَثِيرٌ مِنْهُمْ وَاللهُ بَصِيرٌ بِما يَعْمَلُونَ) (٧١)
فمن يك أمسى بالمدينة رحله |
|
فإني وقيار بها لغريب |
أي فإني لغريب وقيار كذلك ، ودلّ اللام على أنّه خبر إنّ ولا يرتفع بالعطف على محل إنّ واسمها لأنّ ذا لا يصحّ قبل الفراغ من الخبر لا تقول إنّ زيدا وعمرو منطلقان ، وإنما يجوز إنّ زيدا منطلق وعمرو ، والصابئون مع خبره المحذوف جملة معطوفة على جملة قوله إنّ الذين آمنوا إلى آخره ولا محل لها ، كما لا محل للتي عطفت عليها ، وفائدة التقديم التنبيه على أنّ الصابئين وهم أبين هؤلاء المعدودين ضلالا وأشدّهم غيا يتاب عليهم إن صحّ منهم الإيمان فما الظنّ بغيرهم. ومحل من آمن الرفع على الابتداء وخبره فلا خوف عليهم ، والفاء لتضمّن المبتدأ معنى الشرط ، ثم الجملة كما هي خبر إنّ ، والراجع إلى اسم إنّ محذوف تقديره من آمن منهم.
٧٠ ـ (لَقَدْ أَخَذْنا مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ) بالتوحيد (وَأَرْسَلْنا إِلَيْهِمْ رُسُلاً) ليقفوهم على ما يأتون وما يذرون في دينهم (كُلَّما جاءَهُمْ رَسُولٌ) جملة شرطية وقعت صفة لرسلا ، والراجع محذوف أي رسول منهم (بِما لا تَهْوى أَنْفُسُهُمْ) بما يخالف هواهم ويضادّ شهواتهم من مشاق التكليف والعمل بالشرائع ، وجواب الشرط محذوف دلّ عليه (فَرِيقاً كَذَّبُوا وَفَرِيقاً يَقْتُلُونَ) كأنّه قيل كلّما جاءهم رسول منهم ناصبوه ، وقوله فريقا كذبوا جواب مستأنف لقائل ، كأنه يقول كيف فعلوا برسلهم ، وقال يقتلون بلفظ المضارع على حكاية الحال الماضية استفظاعا للقتل ، وتنبيها على أن القتل من شأنهم ، وانتصب فريقا وفريقا على أنه مفعول كذبوا ويقتلون ، وقيل التكذيب مشترك بين اليهود والنصارى ، والقتل مختص باليهود فهم قتلوا زكريا ويحيى.
٧١ ـ (وَحَسِبُوا أَلَّا تَكُونَ) أن لا تكون (١) حمزة وعلي وأبو عمرو على أنّ أن مخففة من الثقيلة ، أصله أنّه لا تكون ، فخففت أن وحذف ضمير الشأن ، ونزّل حسبانهم لقوته في صدورهم منزلة العلم ، فلذا دخل فعل الحسبان على أن التي هي
__________________
(١) في (أ) (وَحَسِبُوا أَلَّا تَكُونَ) حمزة وعلي ، وفي (ظ) (وَحَسِبُوا أَلَّا تَكُونَ) حمزة وعلي وهو الصواب إلا أنه مخالف لرسم المصحف ، وفي (ز) (وَحَسِبُوا أَلَّا تَكُونَ) ألا تكون حمزة وعلي وهو خطأ ، والصواب ما اثبتناه بالرجوع إلى (الغاية في القراءات العشر ص ١٤١).