(لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقالَ الْمَسِيحُ يا بَنِي إِسْرائِيلَ اعْبُدُوا اللهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْواهُ النَّارُ وَما لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصارٍ (٧٢) لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللهَ ثالِثُ ثَلاثَةٍ وَما مِنْ إِلهٍ إِلاَّ إِلهٌ واحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) (٧٣)
للتحقيق (فِتْنَةٌ) بلاء وعذاب ، أي وحسب بنو إسرائيل أنّهم لا يصيبهم من الله عذاب بقتل الأنبياء وتكذيب الرسل. وسدّ ما يشتمل عليه صلة أن ، وأن من المسند والمسند إليه مسد مفعولي حسب (فَعَمُوا وَصَمُّوا) فلم يعملوا بما رأوا ولا بما سمعوا ، أو فعموا عن الرشد وصمّوا عن الوعظ (ثُمَّ تابَ اللهُ عَلَيْهِمْ) رزقهم التوبة (ثُمَّ عَمُوا وَصَمُّوا كَثِيرٌ مِنْهُمْ) هو بدل من الضمير ، أي الواو ، وهو بدل البعض من الكلّ ، أو هو خبر مبتدأ محذوف ، أي أولئك كثير منهم (وَاللهُ بَصِيرٌ بِما يَعْمَلُونَ) فيجازيهم بحسب أعمالهم.
٧٢ ـ (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقالَ الْمَسِيحُ يا بَنِي إِسْرائِيلَ اعْبُدُوا اللهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ) لم يفرق عيسى عليهالسلام بينه وبينهم في أنه عبد مربوب فيكون (١) حجة على النصارى (إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ) في عبادته غير الله (فَقَدْ حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ) التي هي دار الموحدين ، أي حرمه دخولها ومنعه منه (وَمَأْواهُ النَّارُ) أي مرجعه (وَما لِلظَّالِمِينَ) أي للكافرين (مِنْ أَنْصارٍ) وهو من كلام الله تعالى ، أو من كلام عيسى عليهالسلام.
٧٣ ـ (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللهَ ثالِثُ ثَلاثَةٍ) أي ثالث ثلاثة آلهة ، والإشكال أنه تعالى قال في الآية الأولى لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم ، وقال في الثانية لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة ، والجواب أنّ بعض النصارى كانوا يقولون : كان المسيح بعينه هو الله ، لأن الله ربما يتجلى في بعض الأزمان في شخص ، فتجلى في ذلك الوقت في شخص عيسى ، ولهذا كان يظهر من شخص عيسى أفعال لا يقدر عليها إلا الله ، وبعضهم ذهبوا إلى إلهية (٢) ثلاثة : الله ومريم والمسيح ، وأنه ولد الله من مريم ، ومن في قوله (وَما مِنْ إِلهٍ إِلَّا إِلهٌ واحِدٌ) للاستغراق ، أي وما إله قط في الوجود إلّا إله موصوف بالوحدانية لا ثاني له ،
__________________
(١) في (ز) ليكون.
(٢) في (ز) آلهة.