(كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنا تُرْجَعُونَ (٣٥) وَإِذا رَآكَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلاَّ هُزُواً أَهذَا الَّذِي يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ وَهُمْ بِذِكْرِ الرَّحْمنِ هُمْ كافِرُونَ (٣٦) خُلِقَ الْإِنْسانُ مِنْ عَجَلٍ سَأُرِيكُمْ آياتِي فَلا تَسْتَعْجِلُونِ) (٣٧)
٣٥ ـ (كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُمْ) ونختبركم سمّي ابتلاء وإن كان عالما بما سيكون من أعمال العاملين قبل وجودهم لأنه في صورة الاختبار (بِالشَّرِّ) بالفقر والضّرّ (وَالْخَيْرِ) الغنى والنفع (فِتْنَةً) مصدر مؤكد لنبلوكم من غير لفظه (وَإِلَيْنا تُرْجَعُونَ) فنجازيكم على حسب ما يوجد منكم من الصبر والشكر ، وعن ابن ذكوان ترجعون.
٣٦ ـ (وَإِذا رَآكَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَتَّخِذُونَكَ) ما يتخذونك (إِلَّا هُزُواً) مفعول ثان ليتخذونك. نزلت في أبي جهل ، مر به النبي صلىاللهعليهوسلم فضحك وقال : هذا نبي بني عبد مناف (١) (أَهذَا الَّذِي يَذْكُرُ) يعيب (آلِهَتَكُمْ) والذكر يكون بخير وبخلافه ، فإن كان الذاكر صديقا فهو ثناء وإن كان عدوا فذمّ (وَهُمْ بِذِكْرِ الرَّحْمنِ) أي بذكر الله وما يجب أن يذكر به من الوحدانية (هُمْ) به (٢) (كافِرُونَ) لا يصدّقون به أصلا فهم أحقّ أن يتّخذوا هزوا منك فإنك محقّ وهم مبطلون ، وقيل بذكر الرحمن أي بما أنزل عليك من القرآن هم كافرون جاحدون ، والجملة في موضع الحال أي يتخذونك هزوا وهم على حال هي أصل الهزء والسخرية وهي الكفر بالله تعالى ، وكررهم للتأكيد ، أو لأنّ الصلة حالت بينه وبين الخبر فأعيد المبتدأ.
٣٧ ـ (خُلِقَ الْإِنْسانُ مِنْ عَجَلٍ) فسّر بالجنس ، وقيل نزلت حين كان النضر بن الحارث يستعجل بالعذاب ، والعجل والعجلة مصدران ، وهو تقديم الشيء على وقته ، والظاهر أنّ المراد الجنس وأنه ركّب فيه العجلة ، فكأنه خلق من العجل ، ولأنه يكثر منه ، والعرب تقول لمن يكثر منه الكرم خلق من الكرم ، فقدّم أولا ذمّ الإنسان على إفراط العجلة وأنه مطبوع عليها ، ثم منع وزجر (٣) كأنه قال ليس ببدع منه أن يستعجل فإنه مجبول على ذلك وهو طبعه وسجيّته وقد ركّب فيه ، وقيل العجل الطين بلغة حمير قال شاعرهم :
والنبع في الصخرة الصماء منبته |
|
والنخل ينبت بين الماء والعجل (٤). |
__________________
(١) أخرجه ابن أبي حاتم عن السدي ، ذكره السيوطي في الأسباب.
(٢) ليست في (ظ) و (ز).
(٣) في (ز) منعه وزجره.
(٤) سقط صدر البيت من (ز) لاكتفاء الناسخ أو الطابع بموضع الشاهد.