(وَجَعَلْنَا السَّماءَ سَقْفاً مَحْفُوظاً وَهُمْ عَنْ آياتِها مُعْرِضُونَ (٣٢) وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ (٣٣) وَما جَعَلْنا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخالِدُونَ) (٣٤)
تزاد لذلك في (لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتابِ) (١) (وَجَعَلْنا فِيها فِجاجاً) أي طرقا واسعة جمع فجّ وهو الطريق الواسع ، ونصبت (٢) على الحال من (سُبُلاً) مقدّمة (٣) ، فإن قلت : أي فرق بين قوله تعالى : (لِتَسْلُكُوا مِنْها سُبُلاً فِجاجاً) (٤) وبين هذه؟ قلت : الأول للإعلام بأنه جعل فيها طرقا واسعة والثاني لبيان أنه حين خلقها خلقها على تلك الصفة ، فهو بيان لما أبهم ثمّ (لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ) ليهتدوا بها إلى البلاد المقصودة.
٣٢ ـ (وَجَعَلْنَا السَّماءَ سَقْفاً مَحْفُوظاً) في موضعه عن السقوط كما قال : (وَيُمْسِكُ السَّماءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ) (٥) أو محفوظا بالشهب عن الشياطين كما قال : (وَحَفِظْناها مِنْ كُلِّ شَيْطانٍ رَجِيمٍ) (٦) (وَهُمْ) أي الكفار (عَنْ آياتِها) عن الأدلة التي فيها كالشمس والقمر والنجوم (مُعْرِضُونَ) غير متفكرين فيها فيؤمنون.
٣٣ ـ (وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ) لتسكنوا فيه (وَالنَّهارَ) لتتصرفوا فيه (وَالشَّمْسَ) لتكون سراج النهار (وَالْقَمَرَ) ليكون سراج الليل (كُلٌ) التنوين فيه عوض عن المضاف إليه ، أي كلّهم ، والضمير للشمس والقمر والمراد بهما جنس الطوالع ، وجمع جمع العقلاء للوصف بفعلهم وهو السباحة (فِي فَلَكٍ) عن ابن عباس رضي الله عنهما : الفلك السماء ، والجمهور على أنّ الفلك موج مكفوف تحت السماء تجري فيه الشمس والقمر والنجوم ، وكلّ مبتدأ خبره (يَسْبَحُونَ) يسيرون أو (٧) يدورون ، والجملة في محلّ النصب على الحال من الشمس والقمر.
٣٤ ـ (وَما جَعَلْنا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ) البقاء الدائم (أَفَإِنْ مِتَ) بكسر الميم مدني وكوفي غير أبي بكر (فَهُمُ الْخالِدُونَ) والفاء الأول لعطف جملة على جملة ، والثاني لجزاء الشرط ، كانوا يقدّرون أنه سيموت فنفى الله عنه الشماتة بهذا ، أي قضى الله أن لا يخلّد في الدنيا بشرا فإن (٨) متّ أنت أيبقى هؤلاء.
__________________
(١) الحديد ، ٥٧ / ٢٩.
(٢) في (ظ) و (ز) نصب.
(٣) في (ز) متقدمة.
(٤) نوح ، ٧١ / ٢٠.
(٥) الحج ، ٢٢ / ٦٥.
(٦) الحجر ، ١٥ / ١٧.
(٧) في (ظ) و (ز) أي.
(٨) في (ز) يخلد ... بشر أفان.