(قُلْ مَنْ يَكْلَؤُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ مِنَ الرَّحْمنِ بَلْ هُمْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِمْ مُعْرِضُونَ (٤٢) أَمْ لَهُمْ آلِهَةٌ تَمْنَعُهُمْ مِنْ دُونِنا لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَ أَنْفُسِهِمْ وَلا هُمْ مِنَّا يُصْحَبُونَ (٤٣) بَلْ مَتَّعْنا هؤُلاءِ وَآباءَهُمْ حَتَّى طالَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ أَفَلا يَرَوْنَ أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها أَفَهُمُ الْغالِبُونَ (٤٤) قُلْ إِنَّما أُنْذِرُكُمْ بِالْوَحْيِ وَلا يَسْمَعُ الصُّمُّ الدُّعاءَ إِذا ما يُنْذَرُونَ) (٤٥)
٤٢ ـ (قُلْ مَنْ يَكْلَؤُكُمْ) يحفظكم (بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ مِنَ الرَّحْمنِ) أي من عذابه إن أتاكم ليلا أو نهارا (بَلْ هُمْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِمْ مُعْرِضُونَ) أي بل هم معرضون عن ذكره ولا يخطرونه ببالهم فضلا أن يخافوا بأسه حتى إذا رزقوا الكلاءة منه عرفوا من الكالئ فصلحوا للسؤال عنه ، والمعنى أنه أمر رسوله بسؤالهم عن الكالئ ، ثم بيّن أنهم لا يصلحون لذلك لإعراضهم عن ذكر من يكلؤهم. ثم أضرب عن ذلك بقوله :
٤٣ ـ (أَمْ لَهُمْ آلِهَةٌ تَمْنَعُهُمْ مِنْ دُونِنا) لما في أم من معنى بل ، فقال ألهم آلهة تمنعهم من العذاب تتجاوز منعنا وحفظنا ، ثم استأنف بقوله (لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَ أَنْفُسِهِمْ وَلا هُمْ مِنَّا يُصْحَبُونَ) فبيّن أنّ ما ليس بقادر على نصر نفسه ومنعها ولا بمصحوب من الله بالنصر والتأييد كيف يمنع غيره وينصره؟ ثم قال :
٤٤ ـ (بَلْ مَتَّعْنا هؤُلاءِ وَآباءَهُمْ حَتَّى طالَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ) أي ما هم فيه من الحفظ والكلاءة إنما هو منّا لا من مانع يمنعهم من إهلاكنا ، وما كلأناهم وآباءهم الماضين إلّا تمتيعا لهم بالحياة الدنيا وإمهالا ، كما متعنا غيرهم من الكفار وأمهلناهم حتى طال عليهم الأمد ، فقست قلوبهم وظنوا أنهم دائمون على ذلك ، وهو أمل كاذب (أَفَلا يَرَوْنَ أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها) أي نقص أرض الكفر ، ونحذف أطرافها بتسليط المسلمين عليها ، وإظهارهم على أهلها ، وردّها دار إسلام ، وذكر نأتي يشير بأنّ الله يجريه على أيدي المسلمين ، وأنّ عساكرهم كانت تغزو أرض المشركين وتأتيها غالبة عليها ناقصة من أطرافها (أَفَهُمُ الْغالِبُونَ) أو كفار (١) مكة يغلبون بعد أن نقصنا من أطراف أرضهم ، أي ليس كذاك بل يغلبهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم وأصحابه بنصرنا.
٤٥ ـ (قُلْ إِنَّما أُنْذِرُكُمْ بِالْوَحْيِ) أخوفكم من العذاب بالقرآن (وَلا يَسْمَعُ الصُّمُّ الدُّعاءَ) بفتح الياء والميم ورفع الصمّ ، ولا تسمع الصمّ شامي على خطاب
__________________
(١) في (ظ) و (ز) أفكفار.