(قُلْنا يا نارُ كُونِي بَرْداً وَسَلاماً عَلى إِبْراهِيمَ (٦٩) وَأَرادُوا بِهِ كَيْداً فَجَعَلْناهُمُ الْأَخْسَرِينَ (٧٠) وَنَجَّيْناهُ وَلُوطاً إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بارَكْنا فِيها لِلْعالَمِينَ (٧١) وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ نافِلَةً وَكُلاًّ جَعَلْنا صالِحِينَ) (٧٢)
وضعوه في المنجنيق مقيدا مغلولا ، فرموا به فيها وهو يقول : حسبي الله ونعم الوكيل ، وقال له جبريل : هل لك حاجة؟ فقال : أمّا إليك فلا ، فسل ربّك ، حسبي من سؤالي علمه بحالي. وما أحرقت النار إلا وثاقه (١). وعن ابن عباس : إنما نجا بقوله حسبي الله ونعم الوكيل.
٦٩ ـ (قُلْنا يا نارُ كُونِي بَرْداً وَسَلاماً) أي ذات برد وسلام فبولغ في ذلك كأن ذاتها برد وسلام (عَلى إِبْراهِيمَ) أراد أبردي فيسلم منك إبراهيم ، وعن ابن عباس رضي الله عنهما : لو لم يقل ذلك لأهلكته ببردها (٢) ، والمعنى أنّ الله تعالى نزع عنها طبعها الذي طبعها عليه من الحرّ والإحراق وأبقاها على الإضاءة والإشراق كما كانت وهو على كلّ شيء قدير.
٧٠ ـ (وَأَرادُوا بِهِ كَيْداً) إحراقا (فَجَعَلْناهُمُ الْأَخْسَرِينَ) فأرسل على نمروذ وقومه البعوض ، فأكلت لحومهم وشربت دماءهم ودخلت بعوضة في دماغ نمروذ فأهلكته.
٧١ ـ (وَنَجَّيْناهُ) أي إبراهيم (وَلُوطاً) ابن أخيه هاران من العراق (إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بارَكْنا فِيها لِلْعالَمِينَ) أي أرض الشام ، وبركتها أنّ أكثر الأنبياء منها ، فانتشرت في العالمين آثارهم الدينية ، وهي أرض خصب يطيب فيها عيش الغني والفقير ، وقيل ما من ماء عذب في الأرض إلا وينبع أصله من صخرة بيت المقدس (٣) ، روي أنه نزل بفلسطين ولوط بالمؤتفكة وبينهما مسيرة يوم وليلة. وقال عليهالسلام : (إنها ستكون هجرة بعد هجرة فخيار الناس إلى مهاجر إبراهيم) (٤).
٧٢ ـ (وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ نافِلَةً) قيل هو مصدر كالعافية من غير لفظ
__________________
(١) الطبري عن السدي وكعب.
(٢) الطبري عن السدي.
(٣) جاء مرفوعا عن أبي بن كعب أخرجه الطبري.
(٤) أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق عن الأوزاعي عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : (سيهاجر أهل الأرض هجرة بعد هجرة إلى مهاجر إبراهيم حتى لا يبقى في الأرض إلّا شرار أهلها) الحديث.