(وَعَلَّمْناهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ فَهَلْ أَنْتُمْ شاكِرُونَ (٨٠) وَلِسُلَيْمانَ الرِّيحَ عاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلى الْأَرْضِ الَّتِي بارَكْنا فِيها وَكُنَّا بِكُلِّ شَيْءٍ عالِمِينَ (٨١) وَمِنَ الشَّياطِينِ مَنْ يَغُوصُونَ لَهُ وَيَعْمَلُونَ عَمَلاً دُونَ ذلِكَ وَكُنَّا لَهُمْ حافِظِينَ) (٨٢)
جبار) (١) وقال مجاهد : كان هذا صلحا ، وما فعله داود كان حكما ، والصلح خير (وَكُلًّا) من داود وسليمان (آتَيْنا حُكْماً) نبوة (وَعِلْماً) معرفة بموجب الحكم (وَسَخَّرْنا) وذلّلنا (مَعَ داوُدَ الْجِبالَ يُسَبِّحْنَ) وهو حال بمعنى مسبّحات ، أو استئناف كأنّ قائلا قال : كيف سخّرهن؟ فقال يسبّحن (وَالطَّيْرَ) معطوف على الجبال ، أو مفعول معه ، وقدّمت الجبال على الطير لأنّ تسخيرها وتسبيحها أعجب وأغرب وأدخل في الإعجاز لأنها جماد ، روي أنه كان يمر بالجبال مسبّحا وهي تتجاوبه ، وقيل كانت تسير معه حيث سار (وَكُنَّا فاعِلِينَ) بالأنبياء مثل ذلك وإنّ كان عجبا عندكم.
٨٠ ـ (وَعَلَّمْناهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ) أي عمل اللّبوس والدروع ، واللّبوس اللباس والمراد الدّرع (لِتُحْصِنَكُمْ) شامي وحفص أي الصنعة ، وبالنون أبو بكر وحماد أي الله عزوجل ، وبالياء غيرهم أي اللّبوس ، أو الله عزوجل (مِنْ بَأْسِكُمْ) من حرب عدوكم (فَهَلْ أَنْتُمْ شاكِرُونَ) استفهام بمعنى الأمر أي فاشكروا الله على ذلك.
٨١ ـ (وَلِسُلَيْمانَ الرِّيحَ) أي وسخّرنا له الريح (عاصِفَةً) حال أي شديدة الهبوب ، ووصفت في موضع آخر بالرخاء لأنها تجري باختياره ، فكانت في وقت رخاء وفي وقت عاصفة لهبوبها على حكم إرادته (تَجْرِي بِأَمْرِهِ) بأمر سليمان (إِلى الْأَرْضِ الَّتِي بارَكْنا فِيها) بكثرة الأنهار والأشجار والثمار ، والمراد الشام وكان منزله بها وتحمله الريح من نواحي الأرض إليها (وَكُنَّا بِكُلِّ شَيْءٍ عالِمِينَ) وقد أحاط علمنا بكلّ شيء فتجري الأشياء كلّها على ما يقتضيه علمنا.
٨٢ ـ (وَمِنَ الشَّياطِينِ) أي وسخّرنا منهم (مَنْ يَغُوصُونَ لَهُ) في البحار بأمره لاستخراج الدرّ وما يكون فيها (وَيَعْمَلُونَ عَمَلاً دُونَ ذلِكَ) أي دون الغوص ، وهو بناء المحاريب والتماثيل والقصور والقدور والجفان (٢) (وَكُنَّا لَهُمْ حافِظِينَ) أن يزيغوا
__________________
(١) كنز العمال ١٥ / ٣٩٨٧٢ ، ٣٩٨٧٤ ، ٣٩٨٧٥.
(٢) الجفان : جمع جفنة كالقصعة.