(وَأَيُّوبَ إِذْ نادى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (٨٣) فَاسْتَجَبْنا لَهُ فَكَشَفْنا ما بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآتَيْناهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا وَذِكْرى لِلْعابِدِينَ (٨٤) وَإِسْماعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ كُلٌّ مِنَ الصَّابِرِينَ) (٨٥)
عن أمره ، أو يبدّلوا ، أو يوجد منهم فساد فيما هم مسخّرون فيه.
٨٣ ـ (وَأَيُّوبَ) أي واذكر أيوب (إِذْ نادى رَبَّهُ أَنِّي) أي دعا بأني (مَسَّنِيَ الضُّرُّ) الضّر بالفتح الضّرر في كلّ شيء ، وبالضم الضّرر في النفس من مرض أو هزال (وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ) ألطف في السؤال حيث ذكر نفسه بما يوجب الرحمة ، وذكر ربّه بغاية الرحمة ولم يصرح بالمطلوب ، فكأنه قال أنت أهل أن ترحم وأيوب أهل أن يرحم فارحمه واكشف عنه الضّرّ الذي مسّه ، عن أنس رضي الله عنه : أخبر عن ضعفه حين لم يقدر على النهوض إلى الصلاة ولم يشتك وكيف يشكو من قيل له : (إِنَّا وَجَدْناهُ صابِراً نِعْمَ الْعَبْدُ) (١) وقيل إنما شكا إليه تلذّذا بالنجوى لا منه تضرّرا بالشكوى ، والشكاية إليه غاية القرب ، كما أنّ الشكاية منه غاية البعد.
٨٤ ـ (فَاسْتَجَبْنا لَهُ) أجبنا دعاءه (فَكَشَفْنا ما بِهِ مِنْ ضُرٍّ) فكشفنا ضرّه إنعاما عليه (وَآتَيْناهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ) روي أنّ أيوب عليهالسلام كان روميا من ولد إسحاق بن إبراهيم عليهالسلام وله سبعة بنين وسبع بنات وثلاثة آلاف بعير وسبعة آلاف شاة وخمسمائة فدان يتبعها خمسمائة عبد لكلّ عبد امرأة وولد (٢) ، فابتلاه الله تعالى بذهاب ولده وماله وبمرض في بدنه ثماني عشرة سنة أو ثلاث عشرة سنة أو ثلاث سنين ، وقالت له امرأته يوما : لو دعوت الله عزوجل ، فقال : كم كانت مدة الرخاء ، فقالت : ثمانين سنة ، فقال : أنا أستحي من الله أن أدعوه ما بلغت مدة بلائي مدة رخائي ، فلما كشف الله عنه أحيا ولده بأعيانهم ورزقه مثلهم معهم (رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا) هو مفعول له ، وكذلك (٣) (وَذِكْرى لِلْعابِدِينَ) يعني رحمة لأيوب وتذكرة لغيره من العابدين ليصبروا كصبره فيثابوا كثوابه.
٨٥ ـ (وَإِسْماعِيلَ) ابن إبراهيم (وَإِدْرِيسَ) ابن شيث بن آدم (وَذَا الْكِفْلِ) أي اذكرهم ، وهو الياس أو زكريا أو يوشع بن نون وسمي به لأنه ذو الحظّ من الله ،
__________________
(١) ص ، ٣٨ / ٤٤.
(٢) زاد في (ز) ونخيل.
(٣) ليست في (ظ) و (ز).