(وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهادَةً أَبَداً وَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ) (٤)
في أول الإسلام ثم نسخ بقوله : (وَأَنْكِحُوا الْأَيامى مِنْكُمْ) (١) وقيل المراد بالنكاح الوطء ، لأن غير الزاني يستقذر الزانية ولا يشتهيها ، وهو صحيح لكنه يفضي (٢) إلى قولك الزاني لا يزني إلا بزانية والزانية لا يزني بها إلا زان ، وسئل صلىاللهعليهوسلم عمن زنى بامرأة ثم تزوجها فقال : (أوله سفاح وآخره نكاح) (٣) ومعنى الجملة الأولى صفة الزاني بكونه غير راغب في العفائف ولكن في الفواجر ، ومعنى الثانية صفة الزانية بكونها غير مرغوب فيها للأعفّاء ولكن للزناة وهما معنيان مختلفان ، وقدّمت الزانية على الزاني أولا (٤) لأن تلك الآية سيقت لعقوبتهما على ما جنيا والمرأة هي المادة التي منها نشأت تلك الجناية لأنها لو لم تطمع الرجل ولم تومض له ولم تمكّنه لم يطمع ولم يتمكّن ، فلما كانت أصلا وأولا (٥) في ذلك بدىء بذكرها ، وأما الثانية فمسوقة لذكر النكاح والرجل أصل فيه ، لأنه الخاطب ومنه مبدأ (٦) الطلب ، وقرىء لا ينكح بالجزم على النهي ، وفي المرفوع أيضا معنى النهي ولكن أبلغ وآكد ، ويجوز أن يكون خبرا محضا على معنى أنّ عادتهم (٧) جارية على ذلك وعلى المؤمن أن لا يدخل نفسه تحت هذه العادة ويتصوّن عنها (وَحُرِّمَ ذلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ) أي الزنا أو نكاح البغايا لقصد التكسّب بالزنا أو لما فيه من التشبيه بالفسّاق ، وحضور مواقع التهمة ، والتسبب بسوء القالة فيه والغيبة ، ومجالسة الخطّائين كم فيها من التعرض لاقتراف الآثام فكيف بمزاوجة الزواني والقحاب.
٤ ـ (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ) وبكسر الصاد عليّ ، أي يقذفون بالزنا الحرائر والعفائف المسلمات المكلّفات ، والقذف يكون بالزنا وبغيره ، والمراد هنا قذفهن بالزنا ، بأن يقول يا زانية لذكر المحصنات عقيب الزواني ولاشتراط أربعة شهداء بقوله : (ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ) أي ثم لم يأتوا بأربعة شهود يشهدون على الزنا ، لأن القذف بغير الزنا بأن يقول يا فاسق يا آكل الربا يكفي فيه شاهدان وعليه التعزير ، وشروط إحصان القذف الحرية والعقل والبلوغ والإسلام والعفة عن الزنا ، والمحصن
__________________
(١) تأتي لاحقا الآية ٣٢.
(٢) في (ز) يؤدي.
(٣) كنز العمال ١٦ / ٤٥٦٥٧.
(٤) زاد في (ز) ثم قدم عليها ثانيا.
(٥) ليست في (ز) وأولا.
(٦) في (ز) بدء.
(٧) في (ز) عادتهما.