(إِلاَّ الَّذِينَ تابُوا مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٥) وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْواجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَداءُ إِلاَّ أَنْفُسُهُمْ فَشَهادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهاداتٍ بِاللهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ (٦) وَالْخامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللهِ عَلَيْهِ إِنْ كانَ مِنَ الْكاذِبِينَ (٧) وَيَدْرَؤُا عَنْهَا الْعَذابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهاداتٍ بِاللهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكاذِبِينَ) (٨)
كالمحصنة في وجوب حدّ القذف (فَاجْلِدُوهُمْ ثَمانِينَ جَلْدَةً) إن كان القاذف حرا ، ونصب ثمانين نصب المصادر كما نصب مائة جلدة. وجلدة نصب على التمييز (وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهادَةً أَبَداً) نكّر شهادة في موضع النفي ، فتعم كلّ شهادة ، وردّ الشهادة من الحدّ عندنا ، ويتعلق باستيفاء الحدّ أو بعضه على ما عرف ، وعند الشافعي رحمهالله تعالى يتعلق ردّ شهادته بنفس القذف ، فعندنا جزاء الشرط الذي هو الرمي الجلد وردّ الشهادة على التأبيد وهو مدة حياتهم (وَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ) كلام مستأنف غير داخل في حيز جزاء الشرط كأنه حكاية حال الرامين عند الله تعالى بعد انقضاء الجملة الشرطية.
٥ ـ وقوله (إِلَّا الَّذِينَ تابُوا مِنْ بَعْدِ ذلِكَ) أي القذف (وَأَصْلَحُوا) أحوالهم ، استثناء من الفاسقين ويدلّ عليه (فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) أي يغفر ذنوبهم ويرحمهم ، وحقّ الاستثناء أن يكون منصوبا عندنا ، لأنه عن موجب ، وعند من جعل الاستثناء متعلقا بالجملة الثانية أن يكون مجرورا بدلا من هم في لهم.
ولمّا ذكر حكم قذف الأجنبيات بيّن حكم قذف الزوجات فقال :
٦ ـ (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْواجَهُمْ) أي يقذفون زوجاتهم بالزنا (وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَداءُ) أي لم يكن لهم على تصديق قولهم من يشهد لهم به (إِلَّا أَنْفُسُهُمْ) يرتفع على البدل من شهداء (فَشَهادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ) بالرفع كوفي غير أبي بكر على أنه خبر والمبتدأ فشهادة أحدهم ، وغيرهم بالنصب لأنه في حكم المصدر بالإضافة إلى المصدر ، والعامل فيه المصدر الذي هو فشهادة أحدهم ، وعلى هذا خبره محذوف تقديره فواجب شهادة أحدهم أربع (شَهاداتٍ بِاللهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ) فيما رماها به ، الزنا.
٧ ـ (وَالْخامِسَةُ) لا خلاف في رفع الخامسة هنا في المشهور ، والتقدير والشهادة الخامسة (أَنَّ لَعْنَتَ اللهِ عَلَيْهِ) فهي مبتدأ وخبر (إِنْ كانَ مِنَ الْكاذِبِينَ) فيما رماها به من الزنا.
٨ ـ (وَيَدْرَؤُا عَنْهَا الْعَذابَ) ويدفع عنها الحبس ، وفاعل يدرأ (أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ