(وَلَقَدْ أَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ آياتٍ مُبَيِّناتٍ وَمَثَلاً مِنَ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ) (٣٤)
بمناه ، ويفعل ما يشاء (١) ويهواه.
والرابع : الأبّاق فما أكثرهم ، فمنهم القاضي الجائر ، والعالم غير العامل ، والقراء (٢) المرائي ، والواعظ الذي لا يفعل ما يقول ، ويكون أكثر أقواله فضول (٣) ، وعلى كلّ ما لا ينفعه نصول (٤) ، فضلا عن السارق والزاني والغاصب ، ففيهم (٥) أخبر النبيّ عليه الصلاة والسلام : (إن الله لينصر هذا الدين بقوم لا خلاق لهم في الآخرة) (٦) (وَلا تُكْرِهُوا فَتَياتِكُمْ عَلَى الْبِغاءِ) كان لابن أبيّ ست جوار معاذة ومسيكة (٧) وأميمة وعمرة وأروى وقتيلة يكرههنّ على البغاء وضرب عليهنّ الضرائب ، فشكت اثنتان منهنّ إلى رسول الله عليه الصلاة والسلام ، فنزلت (٨) ، ويكنى بالفتى والفتاة عن العبد والأمة ، والبغاء الزنا للنساء خاصة ، وهو مصدر البغي (٩) (إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً) تعففا عن الزنا ، وإنما قيده بهذا الشرط لأنّ الإكراه لا يكون إلّا مع إرادة التحصّن ، فآمر الطّيّعة (١٠) للبغاء لا يسمى مكرها ولا أمره إكراها ، ولأنها نزلت على سبب فوقع النهي على تلك الصفة ، وفيه توبيخ للموالي ، أي إذا رغبن في التحصّن فأنتم أحقّ بذلك (لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَياةِ الدُّنْيا) أي لتبتغوا بإكراههنّ على الزنا أجورهن وأولادهن (وَمَنْ يُكْرِهْهُنَّ فَإِنَّ اللهَ مِنْ بَعْدِ إِكْراهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ) أي لهنّ ، وفي مصحف ابن مسعود كذلك ، وكان الحسن يقول : لهنّ والله ، لهنّ والله ، ولعلّ الإكراه كان دون ما اعتبرته الشريعة ، وهو الذي يخاف منه التلف ، فكانت آثمة ، أو لهم إذا تابوا.
٣٤ ـ (وَلَقَدْ أَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ آياتٍ مُبَيِّناتٍ) بفتح الياء حجازي وبصري وأبو بكر وحماد ، والمراد الآيات التي بيّنت في هذه السورة وأوضحت في معاني الأحكام والحدود ، وجاز أن يكون الأصل مبيّنا فيها فاتّسع في الظرف (١١) ، وبكسرها غيرهم ، أي بيّنت هي الأحكام والحدود ، جعل الفعل لها مجازا ، أو من بيّن بمعنى تبيّن ومنه
__________________
(١) في (ز) يشاؤه.
(٢) في (ز) والعامل المرائي.
(٣) في (ظ) و (ز) الفضول.
(٤) في (ظ) و (ز) يصول.
(٥) في (ظ) فعنهم ، وفي (ز) فمنهم.
(٦) لم أجده.
(٧) في (أ) مسيلة باللام وفي (ظ) و (ز) بالكاف وهو الصواب وقد ورد هكذا عند مسلم والبزار.
(٨) رواه الثعلبي من طريق مقاتل.
(٩) في (ز) لبغت.
(١٠) في (ز) المطيعة.
(١١) زاد في (ز) أي أجري مجرى المفعول به كقوله ويوم شهدناه.