(اللهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكاةٍ فِيها مِصْباحٌ الْمِصْباحُ فِي زُجاجَةٍ الزُّجاجَةُ كَأَنَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ نُورٌ عَلى نُورٍ يَهْدِي اللهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ وَيَضْرِبُ اللهُ الْأَمْثالَ لِلنَّاسِ وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) (٣٥)
المثل : قد بيّن الصبح لذي عينين (وَمَثَلاً مِنَ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ) ومثلا من أمثال من قبلكم ، أي قصة عجيبة من قصصهم كقصة يوسف ومريم ، يعني قصة عائشة رضي الله عنها (وَمَوْعِظَةً) ما وعظ به من الآيات والمثل من نحو قوله تعالى : (وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِما رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللهِ لَوْ لا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ وَلَوْ لا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ) ... (يَعِظُكُمُ اللهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَداً) (١) (لِلْمُتَّقِينَ) أي هم المنتفعون بها وإن كانت موعظة للكل نظير قوله :
٣٥ ـ (اللهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) مع قوله : (مَثَلُ نُورِهِ) و (يَهْدِي اللهُ لِنُورِهِ) قولك زيد كرم وجود ، ثم تقول ينعش الناس بكرمه وجوده ، والمعنى ذو نور السماوات ونور السماوات والأرض الحقّ شبّهه بالنور في ظهوره وبيانه كقوله : (اللهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ) (٢) أي من الباطل إلى الحقّ ، وأضاف النور إليهما للدلالة على سعة إشراقه وفشوّ إضاءته حتى تضيء له السماوات والأرض ، وجاز أنّ المراد أهل السماوات والأرض ، وأنهم يستضيئون به (مَثَلُ نُورِهِ) أي صفة نوره العجيبة الشأن في الإضاءة (كَمِشْكاةٍ) كصفة مشكاة وهي الكوّة في الجدار غير النافذة (فِيها مِصْباحٌ) أي سراج ضخم ثاقب (الْمِصْباحُ فِي زُجاجَةٍ) في قنديل من زجاج ، شامي بكسر الزاي (الزُّجاجَةُ كَأَنَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌ) مضيء ، بضم الدال وتشديد الياء منسوب إلى الدرّ لفرط ضيائه وصفائه ، وبالكسر والهمزة عمرو وعلي كأنه يدرأ الظلام بضوئه ، وبالضم والهمزة أبو بكر وحمزة شبه في زهرته بأحد الكواكب الدراريّ كالمشتري والزّهرة ونحوهما (يُوقَدُ) (٣) بالتخفيف حمزة وعلي وأبو بكر أي (٤) الزجاجة ، ويوقد بالتخفيف شامي ونافع وحفص ، وتوقد (٥) مكي وبصري أي هذا المصباح (مِنْ شَجَرَةٍ) أي ابتداء توقّده (٦) من زيت شجرة الزيتون ، يعني
__________________
(١) سبق ذكر هذه الآيات في هذه السورة وهي الآيات ٢ و ١٢ و ١٦ و ١٧.
(٢) البقرة ، ٢ / ٢٥٧.
(٣) في مصحف النسفي توقد وهي قراءة.
(٤) ليس في (ز) أي.
(٥) زاد في (ز) بالتشديد وفي (ظ) بصري ومكي.
(٦) في (ظ) و (ز) ثقوبه.