(وَقالُوا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَها فَهِيَ تُمْلى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً (٥) قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كانَ غَفُوراً رَحِيماً (٦) وَقالُوا ما لِهذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْواقِ لَوْ لا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيراً (٧) أَوْ يُلْقى إِلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْها وَقالَ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلاَّ رَجُلاً مَسْحُوراً) (٨)
معنى فعل فيعدّى تعديته (١) ، أو حذف الجارّ وأوصل الفعل ، أي بظلم وزور (٢) ، وظلمهم أن جعلوا العربي يتلقّن من العجمي الرومي كلاما عربيا أعجز بفصاحته جميع فصحاء العرب ، والزور أن بهتوه بنسبة ما هو بريء منه إليه.
٥ ـ (وَقالُوا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ) أي هو أحاديث المتقدمين وما سطروه كرستم وغيره ، جمع أسطار وأسطورة كأحدوثة (اكْتَتَبَها) كتبها لنفسه (فَهِيَ تُمْلى عَلَيْهِ) أي تلقى عليه من كتابه (بُكْرَةً) أول النهار (وَأَصِيلاً) آخره ، فيحفظ ما يملى عليه ، ثم يتلوه علينا.
٦ ـ (قُلْ) يا محمد (أَنْزَلَهُ) أي القرآن (الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) أي يعلم كلّ سر خفي في السماوات والأرض ، يعني أنّ القرآن لما اشتمل على علم الغيوب التي يستحيل عادة أن يعلمها محمد عليه الصلاة والسلام من غير تعليم ، دلّ ذلك على أنه من عند علّام الغيوب (إِنَّهُ كانَ غَفُوراً رَحِيماً) فيمهلهم ولا يعاجلهم بالعقوبة وإن استوجبوها بمكابرتهم.
٧ ـ ٨ ـ (وَقالُوا ما لِهذَا الرَّسُولِ) وقعت اللام في المصحف مفصولة عن الهاء وخطّ المصحف سنّة لا تغيّر ، وتسميتهم إياه بالرسول سخرية منهم ، كأنهم قالوا أي شيء لهذا الزاعم إنه رسول (يَأْكُلُ الطَّعامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْواقِ) حال والعامل فيها هذا (لَوْ لا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيراً. أَوْ يُلْقى إِلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْها) أي إن صحّ أنه رسول الله فما باله يأكل الطعام كما نأكل ويتردّد في الأسواق لطلب المعاش كما نتردّد ، يعنون أنه كان يجب أن يكون ملكا مستغنيا عن الأكل والتعيّش ، ثم نزلوا عن ذلك الاقتراح إلى أن يكون إنسانا معه ملك حتى يتساندا في الإنذار والتخويف ، ثم نزلوا إلى أن يكون مرفودا بكنز يلقى إليه من السماء يستظهر
__________________
(١) في (ز) تعديتها.
(٢) في (ظ) وجور.