(انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثالَ فَضَلُّوا فَلا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلاً (٩) تَبارَكَ الَّذِي إِنْ شاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْراً مِنْ ذلِكَ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ وَيَجْعَلْ لَكَ قُصُوراً (١٠) بَلْ كَذَّبُوا بِالسَّاعَةِ وَأَعْتَدْنا لِمَنْ كَذَّبَ بِالسَّاعَةِ سَعِيراً (١١) إِذا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَها تَغَيُّظاً وَزَفِيراً) (١٢)
به ولا يحتاج إلى تحصيل المعاش ، ثم نزلوا إلى أن يكون رجلا له بستان يأكل هو منه كالمياسير ، أو نأكل نحن كقراءة عليّ وحمزة. وحسن عطف المضارع وهو يلقى وتكون على أنزل وهو ماض لدخول المضارع ، وهو فيكون بينهما ، وانتصب فيكون على القراءة المشهورة لأنه جواب لو لا بمعنى هلّا وحكمه حكم الاستفهام ، وأراد بالظالمين في قوله (وَقالَ الظَّالِمُونَ) إياهم بأعيانهم غير أنه وضع الظاهر موضع المضمر تسجيلا عليهم بالظلم فيما قالوا ، وهم كفار قريش (إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلاً مَسْحُوراً) سحر فجنّ ، أو ذا سحر وهو الرئية ، عنوا أنه بشر لا ملك.
٩ ـ (انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا) بيّنوا (لَكَ الْأَمْثالَ) الأشباه ، أي قالوا فيك تلك الأقوال واخترعوا لك تلك الصفات والأحوال من المفتري والمملى عليه والمسحور (فَضَلُّوا) عن الحقّ (فَلا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلاً) فلا يجدون طريقا إليه.
١٠ ـ (تَبارَكَ الَّذِي إِنْ شاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْراً مِنْ ذلِكَ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ وَيَجْعَلْ لَكَ قُصُوراً) أي تكاثر خير الذي إن شاء وهب لك في الدنيا خيرا مما قالوا ، وهو أن يعجّل لك مثل ما وعدك في الآخرة من الجنات والقصور ، وجنات بدل من خيرا ، ويجعل بالرفع مكي وشامي وأبو بكر ، لأن الشرط إذا وقع ماضيا جاز في جزائه الجزم والرفع.
١١ ـ (بَلْ كَذَّبُوا بِالسَّاعَةِ) عطف على ما حكى عنهم ، يقول بل أتوا بأعجب من ذلك كلّه وهو تكذيبهم بالساعة ، أو متصل بما يليه كأنه قال بل كذبوا بالساعة فكيف يلتفتون إلى هذا الجواب؟ وكيف يصدّقون بتعجيل مثل ما وعدك في الآخرة وهم لا يؤمنون بها؟ (وَأَعْتَدْنا لِمَنْ كَذَّبَ بِالسَّاعَةِ سَعِيراً) وهيأنا للمكذبين بها نارا شديدة في الاستعار.
١٢ ـ (إِذا رَأَتْهُمْ) أي النار ، أي قابلتهم (مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ) أي إذا كانت منهم بمرأى الناظرين في البعد (سَمِعُوا لَها تَغَيُّظاً وَزَفِيراً) أي سمعوا صوت غليانها ، وشبّه ذلك بصوت المتغيّظ والزافر ، أو إذا رأتهم زبانيتها تغيّظوا وزفروا غضبا على الكفار.