(وَإِذا أُلْقُوا مِنْها مَكاناً ضَيِّقاً مُقَرَّنِينَ دَعَوْا هُنالِكَ ثُبُوراً (١٣) لا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُوراً واحِداً وَادْعُوا ثُبُوراً كَثِيراً (١٤) قُلْ أَذلِكَ خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ الْخُلْدِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ كانَتْ لَهُمْ جَزاءً وَمَصِيراً (١٥) لَهُمْ فِيها ما يَشاؤُنَ خالِدِينَ كانَ عَلى رَبِّكَ وَعْداً مَسْؤُلاً) (١٦)
١٣ ـ (وَإِذا أُلْقُوا مِنْها) من النار (مَكاناً ضَيِّقاً) ضيقا مكي ، فإنّ الكرب مع الضيق كما أنّ الروح مع السعة ولذا وصفت الجنة بأنّ عرضها السماوات والأرض ، وعن ابن عباس رضي الله عنهما أنه يضيق عليهم كما يضيق الزّجّ (١) في الرمح (مُقَرَّنِينَ) أي وهم مع ذلك الضيق مسلسلون مقرّنون في السلاسل قرّنت أيديهم إلى أعناقهم في الأغلال ، أو يقرن مع كلّ كافر شيطانه في سلسلة ، وفي أرجلهم الأصفاد (دَعَوْا هُنالِكَ) حينئذ (ثُبُوراً) هلاكا ، أي قالوا : وا ثبوراه ، أي تعال يا ثبور فهذا حينك ، فيقال لهم :
١٤ ـ (لا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُوراً واحِداً وَادْعُوا ثُبُوراً كَثِيراً) أي إنكم وقعتم فيما ليس ثبوركم فيه واحدا إنما هو ثبور كثير.
١٥ ـ (قُلْ أَذلِكَ خَيْرٌ) أي المذكور من صفة النار خير (أَمْ جَنَّةُ الْخُلْدِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ) أي وعدها ، فالراجع إلى الموصول محذوف ، وإنما قال : أذلك خير ، ولا خير في النار توبيخا للكفار (كانَتْ لَهُمْ جَزاءً) ثوابا (وَمَصِيراً) مرجعا ، وإنما قيل كانت لأنّ ما وعد الله كأنه كان لتحققه ، أو كان ذلك مكتوبا في اللوح قبل أن خلقهم.
١٦ ـ (لَهُمْ فِيها ما يَشاؤُنَ) أي ما يشاؤونه (خالِدِينَ) حال من الضمير في يشاؤون ، والضمير في (كانَ) لما يشاؤون (عَلى رَبِّكَ وَعْداً) أي موعودا (مَسْؤُلاً) مطلوبا ، أو حقيقا أن يسأل ، أو قد سأله المؤمنون والملائكة في دعواتهم : (رَبَّنا وَآتِنا ما وَعَدْتَنا عَلى رُسُلِكَ) (٢) (رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً) (٣) (رَبَّنا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ) (٤).
__________________
(١) الزّجّ : الحديدة في أسفل الرمح (القاموس ١ / ١٩١).
(٢) آل عمران ، ٣ / ١٩٤.
(٣) البقرة ، ٢ / ٢٠١.
(٤) غافر ، ٤٠ / ٨.