(وَمَنْ تابَ وَعَمِلَ صالِحاً فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللهِ مَتاباً (٧١) وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً (٧٢) وَالَّذِينَ إِذا ذُكِّرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْها صُمًّا وَعُمْياناً) (٧٣)
(وَآمَنَ) بمحمد عليه الصلاة والسلام (وَعَمِلَ عَمَلاً صالِحاً) بعد توبته (فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ) أي يوفقهم للمحاسن بعد القبائح ، أو يمحوها بالتوبة ، ويثبت مكانها الحسنات الإيمان والطاعة ، ولم يرد به أنّ السيئة بعينها حسنة ولكن المراد ما ذكرنا. يبدل مخففا البرجمي (وَكانَ اللهُ غَفُوراً) يكفر السيئات (رَحِيماً) يبدلها بالحسنات.
٧١ ـ (وَمَنْ تابَ وَعَمِلَ صالِحاً فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللهِ مَتاباً) أي ومن تاب وحقّق التوبة بالعمل الصالح فإنه بذلك تائب إلى الله (١) متابا مرضيّا عنده ، مكفرا للخطايا ، محصلا للثواب.
٧٢ ـ (وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ) أي الكذب ، يعني ينفرون عن محاضر الكذّابين ومجالس الخطّائين فلا يقربونها تنزّها عن مخالطة الشرّ وأهله ، إذ مشاهدة الباطل شركة فيه ، وكذلك النظارة إلى ما لم تسوّغه الشريعة هم شركاء فاعليه في الآثام ، لأن حضورهم ونظرهم دليل الرضا ، وسبب وجود الزيادة فيه ، وفي مواعظ عيسى عليهالسلام : إياكم ومجالسة الخاطئين ، أو لا يشهدون شهادة الزور على حذف المضاف ، وعن قتادة : المراد مجالس الباطل ، وعن ابن الحنفية : لا يشهدون اللهو والغناء (وَإِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ) بالفحش وكلّ ما ينبغي أن يلغى ويطرح ، والمعنى وإذا مروا بأهل اللغو والمشتغلين به (مَرُّوا كِراماً) معرضين عنه (٢) مكرّمين أنفسهم عن التلوّث به كقوله : (وَإِذا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ) (٣) وعن الباقر (٤) رضي الله عنه : إذا ذكروا الفروج كنّوا عنها.
٧٣ ـ (وَالَّذِينَ إِذا ذُكِّرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ) أي قرىء عليهم القرآن ، أو وعظوا
__________________
(١) في (ز) فإنه يتوب بذلك إلى الله تعالى.
(٢) ليس في (ز) عنه.
(٣) القصص ، ٢٨ / ٥٥.
(٤) الباقر : محمد بن علي زين العابدين بن الحسين الطالبي الهاشمي ، القرشي ، أبو جعفر الباقر ، خامس الأئمة الاثني عشر عند الإمامية ، ولد عام ٥٧ ه ومات عام ١١٤ ه كان ناسكا عابدا توفي بالمدينة (الأعلام ٦ / ٢٧٠).