(قَوْمَ فِرْعَوْنَ أَلا يَتَّقُونَ (١١) قالَ رَبِّ إِنِّي أَخافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ (١٢) وَيَضِيقُ صَدْرِي وَلا يَنْطَلِقُ لِسانِي فَأَرْسِلْ إِلى هارُونَ (١٣) وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنْبٌ فَأَخافُ أَنْ يَقْتُلُونِ (١٤) قالَ كَلاَّ فَاذْهَبا بِآياتِنا إِنَّا مَعَكُمْ مُسْتَمِعُونَ) (١٥)
بمعنى أي (الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) أنفسهم بالكفر وبني إسرائيل بالاستعباد وذبح الأولاد. سجّل عليهم بالظلم ثم عطف :
١١ ـ (قَوْمَ فِرْعَوْنَ) عليهم عطف البيان ، كأنّ معنى القوم الظالمين وترجمته قوم فرعون ، وكأنهما عبارتان تعتقبان على مؤدّى واحد (أَلا يَتَّقُونَ) أي ائتهم زاجرا فقد آن لهم أن يتقوا ، أو هي كلمة حثّ وإغراء ، ويحتمل أنه حال من الضمير في الظالمين ، أي يظلمون غير متقين الله وعقابه ، فأدخلت همزة الإنكار على الحال.
١٢ ـ ١٣ ـ (قالَ رَبِّ إِنِّي أَخافُ) الخوف غمّ يلحق الإنسان لأمر سيقع (أَنْ يُكَذِّبُونِ. وَيَضِيقُ صَدْرِي) بتكذيبهم إياي مستأنف أو عطف على أخاف (وَلا يَنْطَلِقُ لِسانِي) بأن تغلبني الحمية على ما أرى من المحال ، وأسمع من الجدال ، وبنصبهما يعقوب عطفا على يكذبون ، فالخوف متعلق بهذه الثلاثة على هذا التقدير ، وبالتكذيب وحده بتقدير الرفع (فَأَرْسِلْ إِلى هارُونَ) أي أرسل إليه جبريل واجعله نبيا يعينني على الرسالة ، وكان هارون بمصر حين بعث موسى نبيا بالشام ، ولم يكن هذا الالتماس من موسى عليهالسلام توقفا في الامتثال بل التماس عون في تبليغ الرسالة ، وتمهيد العذر في التماس المعين على تنفيذ الأمر ليس بتوقف في امتثال الأمر ، وكفى بطلب العون دليلا على التقبّل لا على التعلّل.
١٤ ـ (وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنْبٌ) أي تبعة ذنب بقتل القبطي ، فحذف المضاف ، أو سمى تبعة الذنب ذنبا كما سمّي جزاء السيئة سيئة (فَأَخافُ أَنْ يَقْتُلُونِ) أي يقتلوني به قصاصا ، وليس هذا تعللا أيضا بل استدفاع للبلية المتوقعة ، وفرق من أن يقتل قبل أداء الرسالة ، ولذا وعده بالكلاءة والدفع بكلمة الردع ، وجمع له الاستجابتين معا في قوله :
١٥ ـ (قالَ كَلَّا فَاذْهَبا) لأنه استدفعه بلاءهم ، فوعده الله الدفع بردعه عن الخوف ، والتمس منه رسالة أخيه فأجابه بقوله اذهبا ، أي جعلته رسولا معك فاذهبا ، وعطف فاذهبا على الفعل الذي يدلّ عليه كلّا ، كأنه قيل ارتدع يا موسى عما تظنّ ، فاذهب أنت وهارون (بِآياتِنا) مع آياتنا وهي اليد والعصا وغير ذلك (إِنَّا مَعَكُمْ)